وذكر عن الموصلي أنه قال: لما بعث طاهر برأس محمد إلى المأمون بكى ذو الرياستين، وقال: سلَّ علينا سيوف الناس وألسنتهم؛ أمرناه أن يبعث به أسيرًا فبعث به عقيرًا! وقال له المأمون: قد مضى ما مضى فاحتل في الاعتذار منه؛ فكتب الناس فأطالوا، وجاء أحمد بن يوسف بشبر من قرطاس فيه:
أما بعد؛ فإن المخلوع كان قسيم أمير المؤمنين في النسب واللحمة، وقد فرق الله بينه وبينه في الولاية والحرمة، لمفارقته عصم الدين، وخروجه من الأمر الجامع للمسلمين؛ يقول الله عز وجل حين اقتص علينا نبأ ابن نوح: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: 46] , فلا طاعة لأحد في معصية إذا كانت القطيعة في جنب الله. وكتابي إلى أمير المؤمنين وقد قتل الله المخلوع، وردّاه رداء نكثه، وأحْصد لأمير المؤمنين أمرَه، وأنجز له وعده، وما ينتظر من صادق وعده حين ردّ به الألفة بعد فرقتها، وجمع الأمة بعد شتاتها، وأحيا به أعلام الإسلام بعد دروسها (?).
* * *