أمراء الرؤساء، إن قاموا لك بالأمر كانوا أنفَع مني لك برياستهم المشهورة، ولمَا عندهم من القوة على الحرب، فمن قام بالأمر كنتُ خادمًا له حتى تصير إلى محبتك، وترى رأيك فيّ. فلقيتُهم في منازلهم، وذكّرتهم البَيْعَة التي في أعناقهم وما يجب عليهم من الوفاء. قال: فكأني جئتُهم بجيفة على طَبق، فقال بعضهم: هذا لا يحل، اخرج، وقال بعضهم: مَن الذي يدخل بين أمير المؤمنين وأخيه! فجئت فأخبرته، قال: قم بالأمر، قال: قلت: قد قرأتَ القرآن، وسمعتَ الأحاديث، وتفقهت في الدين، فالرّأي أن تبعث إلى مَنْ بالحضرة من الفقهاء، فتدعوَهم إلى الحقّ والعمل به وإحياء السنة، وتقعد على اللّبود، وتردّ المظالم. ففعلنا وبعثنا إلى الفقهاء، وأكرمنا الموّاد والملوك وأبناء الملوك، فكنا نقول للتميمي: نُقيمك مقام موسى بن كعب، وللرَّبعيّ: نقيمك مقام أبي داود خالد بن إبراهيم، ولليمانيّ: نقيمك مقام قحطبة ومالك بن الهيثم، فكنا ندعو كلّ قبيلة إلى نقباء رؤوسهم، واستملنا الرؤوس، وقلنا لهم مثل ذلك، وحططْنا عن خُراسان ربع الخرَاج، فحسن موقع ذلك منهم، وَسُرّوا به، وقالوا: ابن أختنا. وابن عمّ النبي - صلى الله عليه وسلم - (?).

قال علي بن إسحاق: لما أفضت الخلافة إلى محمد، وهدأ الناس ببغداد، أصبح صبيحة السّبت بعد بيعته بيوم، فأمر ببناء ميدان حول قصر أبي جعفر في المدينة للصوالجة واللعب، فقال في ذلك شاعر من أهل بغداد:

بَنَى أَمينُ اللهِ مَيدانا ... وصيّرَ السّاحَةَ بُستانَا

وكانت الغزلانُ فيهِ بَانَا ... يُهدَى إِلَيْهِ فيهِ غِزلانا (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015