يلحقهم في ألفيْ فارس جَريدة، فيردّهم، وسُمِّيَ لذلك قوم، فدخل عليه ذو الرياستين، فقال له: إن فعلت ما أشاروا به عليك جعلتَ هؤلاء هديّة إلى محمّد، ولكنّ الرأي أن تكتب إليهم كتابًا، وتوجّه إليهم رسولًا، فتذكّرهم البيعة، وتسألهم الوفاء، وتحذّرهم الحنث، وما يلزمهم في ذلك في الدنيا والدين. قال: قلت له: إن كتابك ورسلك تقوم مقامك، فتستبرئ ما عند القوم، وتوجّهُ سهل بن صاعد - وكان على قهرمته - فإنه يأمُلك، ويرجو أن ينال أمله، فلن يألوَك نصحًا، وتوجّه نَوفلًا الخادم مولى موسى أمير المؤمنين - وكان عاقلًا -. فكتب كتابًا، ووجههما فلحقاهم بنيسابور قد رحلوا ثلاث مراحل (?).
فذكر الحسن بن أبي سعيد عن سهل بن صاعد، أنه قال [له]: فأوصلت إلى الفضل بن الربيع كتابَه، فقال لي: إنما أنا واحد منهم، قال لي سهل: وشدّ عليّ عبدُ الرحمن بن جبلة بالرّمح، فأمرّه على جنبي، ثم قال [لي]: قل لصاحبك: والله لو كنتَ حاضرًا لوضعت الرّمح في فيك، هذا جوابي.
قال: ونال من المأمون، فرجعت بالخبر (?).
قال الفضل بن سهل: فقلت للمأمون: أعداء قد استرحتَ منهم، ولكن افهم عني ما أقول لك، إنّ هذه الدولة لم تكن قطّ أعزّ منها أيام أبي جعفر، فخرج عليه المقنّع وهو يدَّعي الربوبيّة، وقال بعضهم: طلب بدم أبي مسلم، فتضعضع العسكر بخروجه بخُراسان، فكفاه الله المؤنة. ثم خرج بعده يوسف البَرْم وهو عند بعض المسلمين كافر، فكفى الله المؤنة، ثم خرج أستاذسيس يدعو إلى الكفر، فسار المهديّ من الرّيّ إلى نيسابور فكُفِيَ المؤنة، ولكن ما اصنع! أكثرُ عليك! أخبرني كيف رأيت الناس حين ورد عليهم خبر رافع؟ قال: رأيتُهم اضطربوا اضطرابًا شديدًا، قلت: وكيف بك وأنت نازل في أخوالك، وبيعتك في أعناقهم! كيف يكون اضطراب أهل بغداد! اصبر وأنا أضمن لك الخلافة - ووضعت يدي على صدري - قال: قد فعلتُ، وجعلتُ الأمر إليك فقمْ به. قال: قلت: والله لأصدُقَنّك، إن عبد الله بن مالك ويحيى بن معاذ ومَنْ سمّينا من