إذا ورد عليك كتابُ أخيك - أعاذه الله من فقدك - عند حلول ما لا مردَّ له ولا مدفَع مما قد أخلف وتناسخ [في] الأمم الخالية والقرون الماضية [فعزِّ نفسك] بما عزَاك الله به. واعلم أنّ الله جل ثناؤه قد اختار لأمير المؤمنين أفضلَ الدارين، وأجزل الحظَيْن فقبضه الله طاهرًا زاكيًا، قد شكر سعيَه، وغفر ذنبه إن شاء الله. فقمْ في أمْرك قيام ذي الحزم والعزْم، والناظر لأخيه ونفسه وسلطانه وعامة المسلمين. وإيّاك أنْ يغلب عليك الجزَع، فإنه يُحبِط الأجرْ، ويُعقب الوزر. وصلوات الله على أمير المؤمنين حيًّا وميتًا، وإنا لله وإنا إليه راجعون! وخُذ البَيْعة عمّن قِبَلك من قوّادك وجندك وخاصّتك وعامّتك لأخيك ثم لنفسك، ثم للقاسم ابن أمير المؤمنين، على الشريطة التي جعلها لك أمير المؤمنين من نَسْخها له وإثباتها، فإنّك مقلّد من ذاك ما قلدك الله وخليفته. وأعلِمْ مَنْ قِبَلك رأيي في صلاحِهم وسدّ خَلّتِهم والتوسِعة عليهم، فمن أنكرته عند بيعته أو اتَّهمته على طاعته، فابعث إليّ برأسه مع خبره. وإياك وإقالته، فإن النار أولى به. واكتب إلى عمّال ثغورك وأمراء أجنادك بما طرقك من المصيبة بأمير المؤْمنين، وأعلمهم أنّ الله لم يرضَ الدّنيا له ثوابًا حتى قبضه إلى روحه وراحته وجنته، مغبوطًا محمودًا قائدًا لجميع خلفائه إلى الجنة إن شاء الله. ومُرهم أن يأخذوا البيعَة على أجنادهم وخواصّهم وعوامّهم على مثل ما أمرتُك به من أخذها على مَن قِبَلك وأوعز إليهم في ضبط ثغورهم، والقوّة على عدّوهم. [وأعلمهم] أنِّي متفقد حالاتهم ولامٌّ شعثهم، وموسِّع عليهم، ولا تني في تقوية أجنادي وأنصاري، ولتكنْ كتبك إليهم كتبًا عامة، لتُقرأ عليهم، فإنّ في ذلك ما يسكنهم ويبسط أملَهم. واعمل بما تأمر به لمن حَضَرك، أو نأى عنك من أجنادك، على حسب ما ترى وتشاهد، فإنّ أخاك يعرف حسنَ اختيارك، وصحّة رأيك، وبعد نظرك، وهو يستحفظ الله لك، ويسأله أن يشدّ بك عضده، ويجمع بك أمره، إنه لطيف لما يشاء.
وكتب بكر بن المعْتَمر بين يديّ وإملائي في شوال سنة ثنتين وتسعين ومائة (?).