وفي هذه السنة كان بدء اختلاف الحال بين الأمين محمد وأخيه المأمون، وعزم كلّ واحد منهما بالخلاف على صاحبه فيما كان والدهما هارون أخذ عليهما العمل به، في الكتاب الذي ذكرنا أنه كان كتبه عليهما وبينهما (?).
* ذكر الخبر عن السبب الذي كان أوجب اختلاف حالهما فيما ذكرت:
قال أبو جعفر: قد ذكرنا قبلُ أنّ الرشيد جدّد حين شخص إلى خُراسان البيعةَ للمأمون على القوّاد الذين معه، وأشهد مَنْ معه من القوّاد وسائر الناس وغيرهم أنّ جميع مَنْ معه من الجند مضمومون إلى المأمون، وأنّ جميع ما معه من مال وسلاح وآلة وغير ذلك للمأمون. فلما بلغ محمدَ بن هارون أنّ أباه قد اشتدّت علّتُه، وأنه لمآبِه، بعث مَنْ يأتيه بخبره في كلّ يوم، وأرسل بكْر بن المعتمِر، وكتب معه كتبًا، وجعلها في قوائم صناديق منقورة وألبسَها جلود البقر، وقال: لا يظهرنّ أميرُ المؤمنين ولا أحدٌ ممن في عسكره على شيء من أمرك وما توجهتَ فيه، ولا ما معك، ولو قُتِلتَ حتى يموت أميرُ المؤمنين، فإذا مات فادفعْ إلى كلّ رجل منهم كتابه (?).
فلمّا قدِم بكر بن المعتمر طوسَ، بلغ هارونَ قدومُه، فدعا به، فسأله: ما أقدمك؟ قال: بعثني محمد لأعلم له علم خبرك وآتيه به، قال: فهل معك كتاب؟ قال: لا، فأمر بما معه ففتِّش فلم يصيبوا معه شيئًا، فهدّده بالضّرب فلم يقرّ بشيء، فأمر به فحُبس وقيِّد. فلما كان في الليلة التي مات فيها هارون أمر