قال إبراهيم بن عيسى: لما توفّيَ عبد الله بن عليّ ركب المنصور يومًا ومعه عبد الله بن عيّاش، فقال له وهو يجاريه: أتعرف ثلاثة خلفاء، أسماؤهم على العين مبدؤها، قتلوا ثلاثة خوارجَ مبدأ أسمائهم العين؟ قال: لا أعرف إلا ما تقول العامّة؛ إنّ عليًّا قتل عثمان - وكذبوا - وعبد الملك بن مروان قتل عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، وعبد الله بن الزبير وعمرو بن سعيد وعبد الله بن عليّ سقط عليه البيت، فقال له المنصور: فسقط على عبد الله بن عليّ البيت، فأنا ما ذنبي؟ قال: ما قلت إنّ لك ذنبًا.
اختُلف في الذي وصل به أبو جعفر إلى خلعه، فقال بعضهم: السبب الذي وصل به أبو جعفر إلى ذلك هو أن أبا جعفر أقرّ عيسى بن موسى بعد وفاة أبي العباس على ما كان أبو العباس ولّاه من ولاية الكوفة وسوادِها، وكان له مكرمًا مجلًّا، وكان إذا دخل عليه أجلسه عن يمينه، وأجلس المهديّ عن يساره؛ فكان ذلك فعله به؛ حتى عزم المنصور على تقديم المهديّ في الخلافة عليه. وكان أبو العباس جعل الأمر من بعده لأبي جعفر، ثم من بعد أبي جعفر لعيسى بن موسى؛ فلما عزم المنصور على ذلك كلّم عيسى بن موسى في تقديم ابنه عليه برفيق من الكلام، فقال عيسى: يا أمير المؤمنين؛ فكيف بالأيمان والمواثيق التي عليّ وعلى المسلمين لي من العتق والطلاق وغير ذلك من مؤكد الأيمان! ليس إلى ذلك سبيل يا أمير المؤمنين. فلما رأى أبو جعفر امتناعَه، تغيّر لونُه وباعده بعض المباعدة، وأمر بالإذن للمهديّ قبله؛ فكان يدخل فيجلس عن يمين المنصور أيضًا، في مجلس عيسى، ثم يؤذَن لعيسى فيدخل فيجلس دون مجلس المهدي عن يمين المنصور ولا يجلس عن يساره في المجلس الذي كان يجلس فيه المهديّ، فيغتاظ من ذلك المنصور، ويبلغ منه، فيأمر بالإذن للمهديّ ثم يأمر بعده بالإذن لعيسى بن عليّ، فيلبث هنيهة، ثم عبد الصمد بن عليّ، ثم يلبث هنيهة، ثم عيسى بن موسى. فإذا كان بعد ذلك قدّم في الإذن للمهديّ على كل