في كلِّ يومٍ تُلاقِي الأَزدُ مُفظِعةً ... يَشيبُ في ساعةٍ من هولها الشعرُ
والأَزدُ قومي خيارُ القوم قد علموا ... إذا قُرومُهم يومَ الوغى خطروا
فيهم مَعاقِلُ من عِزٍّ يلاذُ بها ... يومًا إذا شَمّرَتْ حربٌ لها دِرَرُ
حيٌّ بأَسيافِهمْ يَبغونَ مَجدَهُمُ ... إِنَّ المكارمَ في المكروهِ تُبْتَدَرُ
لولا المهلَّب للجيش الَّذي وردوا ... أنهارَ كَرْمَانَ بعد اللهِ ما صدرُوا
إِنَّا اعتَصَمْنَا بحبل اللهِ إذ جحَدوا ... بالمُحْكَمَاتِ ولم نكْفُرْ كما كَفَرُوا
جاروا عن القصد والإِسلام واتَّبعوا ... دِينًا يُخَالفُ ما جاءَت به النُّذُرُ
وقال الطفيل بنُ عامر بن وائلة وهو يذكر قتلَ عبد ربّه الكبير وأصحابه، وذهاب قَطَريّ في الأرض واتّباعهم إيّاه ومراوغته إيّاهم:
لقد مسَّ منَّا عبدَ ربّ وجندهُ ... عقابٌ فأَمسى سَبْيُهُمْ في المقاسمِ
سما لهمُ بالجيشِ حتى أَزاحَهُم ... بكرمانَ عن مثوىً من الأرض ناعِم
وما قَطَريُّ الكُفر إلَّا نَعَامَة ... طريدٌ يَدوّي ليله غير نائِمِ
إذا فرّ منَّا هاربًا كان وَجْهُهُ ... طريقًا سوى قصدِ الهُدى والمعالِم
فليس بمنجِيه الفرارُ وِإنْ جَرَتْ ... به الفُلكُ في لُجٍّ من البحر دائم (?)
(6/ 302 - 308).
قال أبو جعفر: وفي هذه السنة كانت هَلَكة قَطريّ وعبيدة بن هلال وعبد ربّ الكبير ومن كان معهم من الأزارقة.
* ذكرُ سبب مهلَكِهم:
وكان سبب ذلك أنّ أمرَ الذين ذكرْنا خبرَهم من الأزارقة لما تشتّت بالاختلاف الذي حدث بينهم بكرمان فصار بعضهم مع عبد ربه الكبير وبعضهم مع قطريّ ووهَى أمرُ قطريّ، توجّه يريد طَبَرستان، وبلغ أمرُه الحجّاج، فوجَّه فيما ذكر هشامٌ عن أبي مخنف، عن يونس بن يزيدَ - سفيانَ بن الأبرد، ووجّه معه جيشًا من أهل الشام عظيمًا في طلب قَطريّ، فأقبل سفيانُ حتى أتى الرَّيّ ثمّ أتبعهم،