قال هشام بن محمد: قال أبو مخنف: حدثني يحيى بن أبي عيسى الأزديّ، قال: كان حُميد بن مسلم الأزدي صديقًا لإبراهيم بن الأشتر؛ وكان يختلف إليه؛ ويذهب به معه؛ وكان إبراهيم يروح في كلّ عشية عند المساء، فيأتي المختار، فيمكث عنده حتى تصوّب النجوم، ثم ينصرف؛ فمكثوا بذلك يدبّرون أمورهم؛ حتى اجتمع رأيهم على أن يخرجوا ليلة الخميس لأربع عشرة من ربيع الأول سنة ست وستين، ووطَّن على ذلك شيعتهم ومن أجابهم، فلما كان عند غروب الشمس، قام إبراهيم بن الأشتر؛ فأذّن؛ ثمّ إنه استقدم، فصلَّى بنا المغرب، ثم خرج بنا بعد المغرب حين قُلت: أخوك أو الذئبُ - وهو يريد المختار - فأقبلنا علينا السلاحُ، وقد أتى إياسُ بن مضارب عبدَ الله بن مطيع فقال: إنّ المختار خارج عليك إحدى الليلتين؛ قال: فخرج إياس في الشُّرَط، فبعث ابنه راشدًا إلى الكُنَاسة، وأقبل يسير حولَ السوق في الشُّرَط.

ثم إنّ إياس بن مضارب دخل على ابن مطيع، فقال له: إني قد بعثت ابني إلى الكناسة، فلو بعثتَ في كل جبَّانة بالكوفة عظيمة رجلًا من أصحابك في جماعة من أهل الطاعة؛ هاب المريبُ الخروج عليك. قال: فبعث ابن مطيع عبدَ الرحمن بن سعيد بن قيس إلى جَبَّانة السَّبيع، وقال: اكفني قومك، لا أوتَينّ من قِبلك، وأحكِم أمر الجبَّانة التي وجّهتك إليها، لا يحدُثنّ بها حَدَث؛ فأوليَك العجز والوهن، وبعث كعب بن أبي كعب الخثعميّ إلى جَبَّانة بشر، وبعث زحْر بن قيس إلى جبَّانة كِنْدة، وبعث شِمر بن ذي الجوشن إلى جبّانة سالم، وبعثَ عبد الرحمن بن مخنف بن سُليم إلى جبَّانة الصائديّين، وبعث يزيد بن الحارث بن رُؤيم أبا حَوْشب إلى جبّانة مراد، وأوصى كلَّ رجل أن يكفيه قومه، وألّا يؤتَى من قبَله، وأن يحكم الوجه الذي وجّهه فيه؛ وبعث شَبَث بن رِبْعيّ إلى السَّبَخة، وقال: إذا سمعت صوت القوم فوجّه نحوهم، فكان هؤلاء قد خرجوا يوم الإثنين، فنزلوا هذه الجبابين، وخرج إبراهيم بن الأشتر من رَحله بعد المغرب يريد إتيان المختار؛ وقد بلغه أن الجبابين قد حُشيتْ رجالًا، وأن الشّرَط قد أحاطت بالسوق والقصر (?). (6/ 18 - 19).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015