المختار منها، فأمرنا بمظاهرته ومؤازرته وإجابته إلى ما دعانا إليه، فأقبلنا طيّبة أنفُسنا، منشرحة صدورنا، قد أذهب الله منها الشكّ والغِلّ والريب، واستقامت لنا بصيرتنا في قتال عدوّنا، فليبلِّغ ذلك شاهدُكم غائبكم، واستعدّوا وتأهَّبوا، ثمّ جلس وقمنا رجلًا فرجلا، فتكلَّمنا بنحو من كلامه، فاستجمعت له الشيعة وحدَبت عليه (?). (6/ 13 - 15).
قال أبو مخنف: فحدّثني نُمَير بن وَعْلة والمَشرِفيّ، عن عامر الشَّعْبيّ، قال: كنت أنا وأبي أوّلَ من أجاب المختار، قال: فلما تهيّأ أمره ودنا خروجه، قال له أحمر بن شُميط ويزيد بن أنس وعبد الله بن كامل وعبد الله بن شدّاد: إنّ أشرافَ أهل الكوفة مجتمعون على قتالك مع ابن مطيع؛ فإن جامعَنا على أمرنا إبراهيمُ بن الأشتر رجوْنا بإذن الله القُوَّة على عدوّنا وألّا يضرّنا خلافُ مَنْ خالفنا، فإنه فتى بئيس، وابن رجل شريف بعيد الصّيت؛ وله عشيرة ذات عزّ وعدد. قال لهم المختار: فالقَوْه فادعوه، وأعلموه الذي أمِرنا به من الطَّلَب بدم الحسين وأهل بيته.
قال الشعبيّ: فخرجوا إليه وأنا فيهم، فتكلَّم يزيد بن أنس، فقال له: إنَّا قد أتيناك في أمر نعرضه عليك، وندعوك إليه؛ فإن قبلته كان خيرًا لك، وإن تركته فقد أدّينا إليك فيه النصيحة، ونحن نحبّ أن يكون عندك مستورًا.
فقال لهم إبراهيم بن الأشتر: وإنّ مثلي لا تُخاف غائلته ولا سعايتُه؛ ولا التقرّب إلى سلطانه باغتياب الناس، إنما أولئك الصغارُ الأخطار الدّقاق هممًا، فقال له: إنَّما ندعوك إلى أمر قد أجمع عليه رأي الملأ من الشيعة؛ إلى كتاب الله وسنَّة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -، والطَّلب بدماء أهل البيت، وقتال المحِلِّين، والدفع عن الضعفاء، قال: ثم تكلم أحمر بن شميط، فقال له: إني لك ناصح، ولحظّك محبّ، وإنّ أباك قد هلك وهو سيّد [الناس] وفيك منه إن رعيتَ حقّ الله خَلَفٌ؛ قد دعوناك إلى أمر إن أجبْتَنا إليه عادت لك منزلة أبيك في النَّاس، وأحييت من ذلك أمرًا قد مات؛ إنما يكفي مثلكَ اليسيرُ حتى تبلغ الغاية التي لا مذهب وراءها، إنه قد بنى لك أوّلك مفتَخرًا، وأقبل القوم كلّهم عليه يدعونه