قال: وأقام ابن مطيع على الكوفة على الصّلاة والخراج؛ وبعث على شرُطته إياس بن مضارب العجليّ، وأمره أن يُحسن السيرة والشدّة على المريب (?). (6/ 10).
قال أبو مخنف: فحدّثني حَصِيرة بن عبد الله بن الحارث بن دريد الأزديّ - وكان قد أدرك ذلك الزمان، وشهد قتل مُصْعب بن الزبير - قال: إني لشاهد المسجد حيث قدم عبد الله بن مطيع، فصعِد المنبر، فحمِد الله وأثنى عليه، وقال: أمَّا بعد، فإنّ أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير بعثني على مصركم وثغوركم، وأمرني بجباية فيئكم؛ وألّا أحمل فضل فيئكم عنكم إلا برضًا منكم، ووصيَّة عمر بن الخطاب التي أوصى بها عند وفاته، وبسيرة عثمان بن عفان التي سار بها في المسلمين؛ فاتقوا الله واستقيموا ولا تختلفوا، وخذوا على أيدي سفهائكم، وإلّا تفعلوا فلوموا أنفسكم ولا تلوموني؛ فوالله لأوقعنّ بالسقيم العاصي؛ ولأقيمنّ دَرْء الأصعر المرتاب، فقام إليه السائب بن مالك الأشعري، فقال: أمَّا أمر ابن الزبير إيّاك إلّا تُحمل فضل فيئنا عنَّا إلا برضانا فإنا نشهدك أنَّا لا نرضى أن تحمل فضل فيئنا عنّا؛ وألّا يقسم إلا فينا؛ وألّا يُسار فينا إلا بسيرة عليّ بن أبي طالب التي سار بها في بلادنا هذه حتى هلك رحمة الله عليه، ولا حاجةَ لنا في سيرة عثمان في فيئنا ولا في أنفسنا؛ فإنها إنما كانت أثَرَة وهوىً، ولا في سيرة عمر بن الخطاب في فيئنا، وإن كانت أهون السيرتين علينا ضرًّا؛ وقد كان لا يألو النَّاس خيرًا، فقال يزيد بن أنس: صدق السائب بن مالك وبَرَّ، رأيُنا مثل رأيه، وقولنا مثل قوله.
فقال ابن مطيع: نسير فيكم بكلّ سيرة أحببتموها وهويتموها ثم نزل. فقال: يزيد بن أنس الأسديّ: ذهبتَ بفضلها يا سائب؛ لا يعدمْك المسلمون! أما والله لقد قمتُ وإني لأريد أن أقوم فأقول له نحوًا من مقالتك، وما أحبّ أن الله ولَّى الردّ عليه رجلًا من أهل المِصْر ليس من شيعتنا.
وجاء إياس بن مضارب إلى ابن مُطيع، فقال له: إنّ السائب بن مالك من رؤوس أصحاب المختار، ولست آمنُ المختار؛ فابعث إليه فليأتك؛ فإذا جاءك