ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف في أهل البصرة، فخرج إليه، فأخذ يَحُوزه عن البصرة، ويدفعه عن أرضها، حتى بلغ مكانًا من أرض الأهواز يقال له: دُولاب، فتهيّأ الناس بعضهم لبعض وتزاحفوا، فجعل مسلم بن عبيس على ميمنته الحجّاج بن باب الحِميرَيّ، وعلى ميسرته حارثة بن بدر التميميّ، ثم الغُدَانيّ، وجعل ابنُ الأزرق على ميمنته عَبيدة بن هلال اليَشْكريّ، وعلى ميسرته الزبير بن الماحوز التميميّ؛ ثمّ التقَوا فاضطربوا، فاقتتل الناس قتالًا لم يَر قتال قطّ أشدّ منه، فقتل مسلم بن عُبيس أمير أهل البصرة، وقتل نافع بن الأزرق رأس الخوارج، وأمَّر أهل البصرة عليهم الحجّاج بن باب الحميريّ، وأمَّرت الأزارقةُ عليهم عبدَ الله بن الماحوز، ثمّ عادوا فاقتتلوا أشدّ قتال، فقتل الحجّاج بن باب الحميريّ أمير أهل البصرة، وقتل عبد الله بن الماحوز أمير الأزارقة، ثمّ إنّ أهل البصرة أمَّروا عليهم ربيعة الأجذم التميميّ، وأمَّرت الخوارجُ عليهم عُبيدَ الله بن الماحوز، ثمّ عادوا فاقتتلوا حتى أمسَوا، وقد كَرِه بعضُهم بعضًا، وملُّوا القتال، فإنهم لمُتواقفون متحاجزون حتى جاءت الخوراج سريّة لهم جامّة لم تكن شهدت القتال، فحملتْ على الناس من قبَل عبد القيس، فانهزم الناس، وقاتل أمير البصرة ربيعةُ الأجذم، فقتل، وأخذ راية أهل البصرة حارثةُ بن بدر، فقاتل ساعةً وقد ذهب الناس عنه، فقاتل من وراء الناس في حماتهم، وأهل الصبر منهم، ثمّ أقبل بالناس حتى نزل بهم منزلًا بالأهواز ففي ذلك يقول الشاعر من الخوارج:
يا كَبِدَا من غير جُوعٍ ولا ظَمَإٍ ... ويا كَبِدي من حُبِّ أُمِّ حَكيمِ
ولو شَهدَتني يوم دُولابَ أَبْصرتْ ... طعَانَ امرئٍ في الحرب غير لئيمِ
غَداةَ طَفَتْ في الماءِ بكْر بنُ وائل ... وعُجْنَا صُدُورَ الخيل نحوَ تميمِ
وكان لعبدِ القيْس أَوَّلُ حَدّنا ... وذَلَّتْ شُيُوخُ الأَزْدِ وَهْيَ تَعُومُ
وبلغ ذلك أهل البصرة، فهالَهم وأفزَعَهم، وبعث ابنُ الزبير الحارثَ بن عبد الله بن أبي ربيعة القرشيّ على تلك الحَرّة، فقَدم وعزل عبد الله بن الحارث، فأقبلتْ الخوارجُ نحوَ البصرة، وقَدِم المهلّب بن أبي صُفرة على تلك من حال الناس من قبَل عبد الله بن الزّبير، معه عهدُه على خراسان، فقال الأحنف للحارث بن أبي ربيعة وللناس عامّة: لا والله، ما لهذا الأمر إلّا المهلّبُ