كلُّهم المنطق، وكان المثنَّى بن مخرّبة صاحب أحد الرؤوس والأشراف، فساءني حيث لم أسمعه تكلَّم مع القوم بنحو ما تكلموا به؛ قال: فوالله ما لبث أن تكلّم بكلمات ما كنّ بدون كلام أحد من القوم، فقال: إنّ الله جعل هؤلاء الذين ذكرتم بمكانهم من نبيِّهم - صلى الله عليه وسلم - أفضل ممن هو دون نبيِّهم، وقد قتلهم قوم نحن لهم أعداء، ومنهم براء، وقد خرجْنا من الديار والأهلين والأموال إرادةَ استئصال من قتلهم؛ فوالله لو أنّ القتال فيهم بمَغرِب الشمس أو بمنقَطع التراب يحقّ علينا طلبُه حتى نناله، فإنّ ذلك هو الغُنْم، وهي الشهادة التي ثوابها الجنّة، فقلنا له: صدقتَ وأصبتَ ووُفِّقت.
قال: ثمّ إنّ سليمان بن صُرَد سار من موضع قبر الحسين وسرْنا معه، فأخذنا على الحَصّاصة، ثمّ على الأنبار، ثمّ على الصدود، ثمّ على القيَّادة.
قال أبو مخنف: عن الحارث بن حَصِيرة وغيره: إنّ سليمان بعث على مقدّمته كُريْبَ بن يزيد الحميريّ (?). (5/ 589 - 591).
قال أبو مخنف: حدّثني الحصين بن يزيد، عن السريّ بن كعب، قال: خرجْنا مع رجال الحيّ نشيِّعهم، فلما انهينا إلى قبر الحسين وانصرف سليمان بن صُرَد وأصحابه عن القبر، ولزموا الطريقَ، استقدَمَهم عبدُ الله بن عوف بن الأحمر على فرس له مهلوب كُمَيْت مربوع يتأكّل تأكَلًا، وهو يرتجز ويقول:
خَرجْنَ يَلْمَعْنَ بنا أَرْسَالا ... عوابِسًا يَحْملنَنَا أَبْطَالَا
نُرِيدُ أَنْ نَلقى به الأَقْتَالا ... القَاسِطِينَ الغُدُرَ الضُّلَّالَا
وقد رَفَضْنا الأَهْلَ والأَمْوَالا ... والخَفِراتِ البِيضَ والحِجالَا
نُرْضي به ذا النِّعَم المِفْضَالا (?)
(5/ 591).
قال أبو مخنف: عن سعد بن مجاهد الطائيّ، عن المُحلّ بن خليفة الطائيّ، أنّ عبد الله بن يزيد كتب إلى سليمان بن صُرَد، أحسبه قال: بعثني به، فلحقته بالقيّارة، واستقدم أصحابه حتى ظنّ أنْ قد سبقهم، قال: فوقف وأشار إلى