غزيّة، قال: لما انتهينا إلى قبر الحسين عليه السلام بكَى الناس بأجمعهم، وسمعتُ جُلّ الناس يتمنَّون أنهم كانوا أصيبوا معه؛ فقال سليمان: اللهمّ ارحم حسينًا الشهيدَ ابنَ الشهيد، المهديّ ابنَ المهديّ، الصدّيقَ ابن الصدّيق، اللهمّ إنا نُشهدك أنا على دينهم وسبيلهم، وأعداء قاتليهم، وأولياء محبِّيهم، ثمّ انصرف ونزل، ونزل أصحابُه (?). (5/ 589).

قال أبو مخنف: حدّثنا الأعمش، قال: حدّثنا سلمة بن كُهَيْل، عن أبي صادق، قال: لما انتهى سليمان بن صُرَد وأصحابه إلى قبر الحسين نادَوْا صيحةً واحدةً: يا ربّ إنا قد خَذَلْنا ابْنَ بنت نبيّنا، فاغفر لنا ما مضى منّا، وتب علينا إنك أنت التّواب الرّحيم، وارْحم حسينًا وأصحابه الشهداء الصدِّيقين، وإنا نُشهدك ياربّ أنا على مثل ما قُتلوا عليه، فإن لم تَغفر لنا وترحمْنا لنكوننّ من الخاسرين: قال: فأقاموا عنده يومًا وليلة يصلّون عليه ويبكون ويتضرّعون؛ فما انفكّ الناس من يومهم ذلك يترحّمون عليه وعلى أصحابه، حتى صلّوا الغداة من الغَدِ عند قبره، وزادهم ذلك حَنَقا، ثمّ ركبوا، فأمر سليمانُ الناسَ بالمسير، فجعل الرجل لا يمضي حتى يأتيَ قبر الحسين فيقوم عليه، فيترحّم عليه، ويستغفر له، قال: فوالله لرَأيتهم ازدحموا على قبره أكثر من ازدحام الناس على الحَجر الأسودَ.

قال: ووقف سليمان عند قبره، فكلما دعا له قوم وترحّموا عليه قال لهم المسيّب بن نَجَبة وسليمان بن صُرَد: الحقوا بإخوانِكم رحمكم الله! فما زال كذلك حتى بقي نحو من ثلاثين من أصحابه، فأحاط سليمانُ بالقبر هو وأصحابه، فقال سليمان: الحمد لله الذي لو شاء أكرمَنَا بالشَّهادة مع الحسين، اللهمّ إذا حرمتَناها معه فلا تحرِمْناها فيه بعَده.

وقال عبد الله بن وال: أما والله إني لأظنّ حسينًا وأباه وأخاه أفضل أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وسيلةً عند الله يوم القيامة، أفما عجبتم لما ابتليتْ به هذه الأمة منهم! إنهم قتلوا اثنين وأشفَوْا بالثالث على القتل؛ قال: يقول المسيب بن نَجَبة: فأنا مِن قتَلتِهم ومن كان على رأيهم بريءٌ إيّاهم أعادي وأقاتل. قال: فأحسن الرؤوس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015