أنّ هذين قَتلَانا لفُجع بنا عشائرنا ومن يرجونا، وما هذان وكلبان من الكلاب عندي إلا سواء، ولا أخرج بعد يومي هذا لرجل أبدًا إلا لرجل أعرفه، فقلت له: وأنا والله لا أخرج إلا لرجل أعرِفه.
وأقام المختار مع ابن الزبير حتى هلك يزيدُ بن معاوية، وانقضى الحصار.
ورجع أهلُ الشام إلى الشام، واصطَلَح أهل الكوفة على عامر بن مسعود، بعد ما هلك يزيد يصلى بهم حتى يجتمع الناس على إمام يرضَوْنه، فلم يلبث عامر إلا شهرًا حتى بعث بيعته وبَيعة أهل الكوفة إلى ابن الزبير، وأقام المختار مع ابن الزبير خمسةَ أشهر بعد مَهلِك يزيدَ وأيّامًا (?). (5/ 576 - 577).
قال أبو مخنف: فحدثني عبد الملك بن نوفل بن مساحق، عن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، قال: والله إني لمع عبد الله بن الزبير ومعه عبد الله بن صَفْوان بن أميّة بن خلف، ونحن نطوف بالبيت، إذ نظر ابن الزبير فإذا هو بالمختار، فقال لابن صفوان: انظر إليه؛ فوالله لَهو أحذَرُ من ذئب قد أطاقت به السباع؛ قال: فمضى ومضنيا معه، فلما قضينا طوافَنا وصلّينا الركعتين بعد الطواف لحقنا المختار، فقال لابن صفوان: ما الذي ذكرني به ابن الزبير؟ قال: فكَتمَه، وقال: لم يَذكُرك إلا بخير؛ قال: بلى وربّ هذه البنيّة إن كنتُ لمن شأنكما، أما والله ليخطّنّ في أثَرى أو لأقدَنّها عليه سَعْرًا، فأقام معه خمسةَ أشهر، فلما رآه لا يستعمله جعل لا يقدم عليه أحدٌ من الكوفة إلا سأله عن حال الناس وهيئتهم (?). (5/ 577).
قال أبو مخنف: فحدّثني عطية بن الحارث أبو رَوْق الهمدانيّ، أنّ هانئ بن أبي حيَّة الوادعي قدم مكة يريد عُمرَة رمضان، فسأله المختار عن حاله وحال الناس بالكوفة وهيئتهم؛ فأخبره عنهم بصلاح واتّساق على طاعة ابن الزبير، إلا أن طائفة من الناس إليهم عدد أهل المصر لو كان لهم رجل يجمعهم على رأيهم أكل بهم الأرض إلى يومٍ ما؛ فقال له المختار: أنا أبو إسحاق أنا والله لهم! أنا أجمعهم على مَرّ الحقّ، وأنفي بهم ركبان الباطل، وأقتُل بهم كلّ جبَّار عنيد؛