كان يتوجَّه نحو طائفة من أهل الشام إلّا ضاربَهم حتى يكشفَهم (?). (5/ 573 - 576).
قال أبو مخنف: فحدّثني أبو يوسف محمد بن ثابط، عن عبّاس بن سهل بن سعد، قال: تولَّى قتالَ أهل الشام يوم تحريق الكعبة عبدُ الله بن مطيع وأنا والمختار، قال: فما كان فينا يومئذ رجلٌ أحسن بلاءً من المختار.
قال: وقاتل قبل أن يطَّلع أهلُ الشام على موت يزيدَ بن معاوية بيوم قتالًا شديدًا، وذلك يوم الأحد لخمس عشرةَ ليلة مضتْ من ربيع الآخر سنة أربع وستين، وكان أهلُ الشام قد رَجوْا أن يَظفروا بنا، وأخذوا علينا سِكك مكَّة.
قال: وخرج ابن الزبير، فبايَعه رجالٌ كثير على الموت؛ قال: فخرجتُ في عصابة معي أقاتل في جانب، والمختار في عصابة أخرى يقاتل في جُمِّيعةٍ من أهل اليمامة في جانب، وهم خوارج، وإنما قاتلوا ليدفعوا عن البيت، فهم في جانب، وعبد الله بن المطيع في جانب.
قال: فشدَّ أهل الشام عليَّ، فحازوني في أصحابي حتى اجتمعتُ أنا والمختار وأصحابه في مكان واحد، فلم أكن أصنع شيئًا إلا صنع مثله، ولا يصنع شيئًا إلا تكلفتُ أن أصنع مِثلَه، فما رأيتُ أشدَّ منه قطّ؛ قال: فإنا لنقاتل إذ شدّت علينا رجال وخيل من خيل أهل الشام، فاضطّروني وإياه في نحو من سبعين رجلًا من أهل الصبر إلى جانب دار من دُور أهل مكة، فقاتلهم المختارُ يومئذ، وأخذ يقول رجل لرجل:
لا وألتْ نفسُ امرئً يفرُّ
قال: فخرج المختار، وخرجتُ معه، فقلت: ليخرجْ منكم إليّ رجل فخرج إليّ رجلٌ وإليه رجل آخر، فمشيت إلى صاحبي فأقتُله، ومشى المختار إلى صاحبه فقتله، ثم صِحْنا بأصحابنا، وشدَدْنا عليهم، فوالله لضَربناهم حتى أخرجناهم من السِّكك كلها؛ ثمّ رجعنا إلى صاحِبيْنا اللَّذَين قتلْنا. قال: فإذا الذي قتلتُ رجلٌ أحمرُ شديدُ الحمرة كأنه روميّ، وإذا الذي قتِل المختار رجل أسودُ شديدُ السواد، فقال لي المختار: تعلّمْ والله إنّي لأظنّ قتيلينا هذَيْن عبدَين؛ ولو