المأمون - وحدّثني بهذا الحديث: يا موسى إذا بنيتَ لي بناء فاجعله ما يعجز عن هدمه ليبقى طللُه ورسْمه (?).

وذكر أنّ أبا جعفر احتاج إلى الأبواب للمدينة؛ فزعم أبو عبد الرحمن الهمانيّ أن سليمان بن داود كان بنى مدينةً بالقرب من موضع بناء الحجاج واسطًا يقال لها الزَّنْدورد، واتّخذت له الشياطينُ لها خمسة أبواب من حديد لا يمكن الناس اليوم عملُ مثلها، فنصبها عليها، فلم تزلْ عليها إلى أن بنى الحجاج واسطًا، وخرْبت تلك المدينة، فنقل الحجاجُ أبوابها فصيّرها على مدينته بواسط فلمّا بنى أبو جعفر المدينة أخذ تلك الأبواب فنصبها على المدينة؛ فهي عليها إلى اليوم، وللمدينة ثمانية أبواب: أربعة داخلة وأربعة خارجة؛ فصار على الداخلة أربعة أبواب من هذه الخمسة، وعلى باب القصر الخارج الخامس منها، وصيّر على باب خراسان الخارج بابًا جيء به من الشأم من عمل الفراعنة، وصيّر على باب الكوفة الخارج بابًا جِيء به من الكوفة، كان عمله خالد بن عبد الله القسريّ، وأمر باتّخاذ باب لباب الشأم، فعُمل ببغداد، فهو أضعف الأبواب كلها، وبنِيت المدينة مدوّرة لئلا يكون الملك إذا نزل وسطَها إلى موضع منها أقرب منه إلى موضع، وجعل أبوابها أربعة؛ على تدبير العساكر في الحروب، وعمِل لها سوريْن، فالسور الداخل أطول من السور الخارج، وبنى قصره في وسطها، والمسجد الجامع حول القصر.

وذُكر أنّ الحجاج بن أرطاة هو الذي خطّ مسجد جامعها بأمر أبي جعفر، ووضع أساسه، وقيل أن قبلتَها على غير صواب وإنَّ المصلِّى فيه يحتاج أن ينحرف إلى باب البصرة قليلًا، وإن قبلة مسجد الرُّصافة أصوب من قبلة مسجد المدينة؛ لأنّ مسجد المدينة بني على القصر، ومسجد الرّصافة بُني قبل القصر وبُني القصر عليه، فلذلك صار كذلك.

وذكر يحيى بن عبد الخالق أنّ أباه حدّثه أن أبا جعفر ولّى كلَّ ربع من المدينة قائدًا يتولى الاستحثاث على الفراغ من بناء ذلك الرُّبع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015