ولم يأذن له، وسار إبراهيم حتى نزل باخَمْرَى.

وذكر خالد بن أسيد الباهليّ أنه لما نزلها أرسل إليه سلْم بن قتيبة حكيم بن عبد الكريم: إنك قد أصْحَرْت، ومثلك أنفسُ به عن الموت، فخندِق على نفسك حتى لا تؤتَى إلا من مأتىً واحد، فإن أنت لم تفعل فقد أعرى أبو جعفر عسكرَه، فتخْفِفْ في طائفة حتى تأتيَه فتأخذ بقفاه.

قال: فدعا إبراهيم أصحابَه، فعرض ذلك عليهم، فقالوا: نخندق على أنفسنا ونحن ظاهرون عليهم! لا والله لا نفعل، قال: فنأتيه؟ قالوا: ولمَ وهو في أيدينا متى أردناه! فقال إبراهيم لحكيم: قد تسمع، فارجع راشدًا.

فذكر إبراهيم بن سلم أنّ أخاه حدّثه عن أبيه، قال: لما التقينا صفّ لهم أصحابُنا، فخرجت من صفهم، فقلت لإبراهيم: إن الصّفّ إذا انهزم بعضه تداعَى، فلم يكن لهم نظام، فاجعلهم كراديس، فإن انهزم كُرْدوس ثبت كردوس، فتنادوا: لا، إلا قتال أهل الإسلام يريدون قوله تعالى: {يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} (?).

وذكر يحيى بن شكر مولى محمد بن سليمان، قال: قال المضاء: لما نزلنا باخَمْرَى أتيتُ إبراهيم فقلت له: إن هؤلاء القوم مصبِّحوك بما يسدّ عليك مغرب الشمس من السلاح والكُراع، وإنما معك رجال عُراة من أهل البصرة، فدعني أبيّته، فوالله لأشتِّتَنّ جموعه، فقال: إني أكره القَتْل فقلت: تريد المُلْك وتكره القتل!

وحدّثني الحارث قال: حدّثني ابن سعد، قال: حدّثنا محمد بن عمر، قال: لما بلغَ إبراهيمَ قتلُ أخيه محمد بن عبد الله، خرج يريد أبا جعفر المنصور بالكُوفة، فكتب أبو جعفر إلى عيسى بن موسى يعلِمه ذلك، ويأمره أن يُقبِل إليه؛ فوافاه رسول أبي جعفر وكتابُه - وقد أحرم بعمرة - فرفضها، وأقبل إلى أبي جعفر، فوجّهه في القوّاد والجند والسلاح إلى إبراهيم بن عبد الله.

وأقبل إبراهيم ومعه جماعة كثيرة من أفناء الناس؛ أكثر من جماعة عيسى بن موسى، فالتقوْا بباخَمْرَى - وهي على ستة عشر فرسخًا من الكوفة - فاقتتلوا بها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015