فقدَّموا جندهم، فجعلوا يدخلون البصرة تَترَى بعضهم على أثر بعض، فأشفق إبراهيم أن يكثروا بها فظهر.
وذكر نصر بن قديد، أنّ إبراهيم خرج ليلة الإثنين لغرّة شهر رمضان من سنة خمس وأربعين ومئة، فصار إلى مقبرة بني يشكر في بضعة عشر رجلًا فارسًا، فيهم عبيد الله بن يحيى بن حصين الرّقاشيّ، قال: وقدم تلك الليلة أبو حمّاد الأبرصُ مددًا لسفيان في ألفي رجل، فنزل الرّحبة إلى أن ينزلوا، فسار إبراهيم فكان أوّل شيء أصاب دوابَّ أولئك الجند وأسلحتهم، وصلّى بالناس الغداة في المسجد الجامع، وتحصّن سفيان في الدّار، ومعه فيها جماعة من بني أبيه وأقبل الناسِ إلى إبراهيم مِنْ بين ناظر وناصر حتى كثروا، فلما رأى ذلك سفيان طلب الأمان، فأجيب إليه، فدسّ إلى إبراهيم مطهّر بن جويرية السَّدوسيّ، فأخذ لسفيان الأمان، وفتح الباب، ودخل إبراهيم الدّار؛ فلما دخلها ألقي له حصير في مُقَدَّم الإيوان، فهبّت ريح فقلبته ظهرًا لبطن؛ فتطيَّر الناسُ لذلك، فقال إبراهيم: إنا لا نتطيَّر، ثم جلس عليه مقلوبًا والكراهة تُرَى في وجهه؛ فلما دخل إبراهيم الدّار خلّى عن كلّ مَنْ كان فيها - فيما ذكر - غير سفيان بن معاوية؛ فإنه حبسه في القصر وقيَّده قيدًا خفيفًا، فأراد إبراهيم - فيما ذكر - بذلك من فعله أن يُرِى أبا جعفر أنه عنده محبوس، وبلغ جعفرًا ومحمدًا بني سليمان بن عليّ - وكانا بالبصرة يومئذ - مصيرُ إبراهيم إلى دار الإمارة وحبْسه سفيان، فأقبلا - فيما قيل - في ستمئة من الرّجالة والفرسان والنَّاشبة يريدانه، فوجَّه إبراهيم إليهما المضاء بن القاسم الجزريّ في ثمانية عشر فارسًا وثلاثين راجلًا؛ فهزمهم المضاءُ، ولحق محمدًا رجل من أصحاب المضاء فطَعنه في فخِذه، ونادى مناد لإبراهيم: لا يتُبَع مدبر؛ ومضى هو بنفسه حتى وقف على باب زينب بنت سليمان، فنادى بالأمان لآل سليمان، وألّا يعرِض لهم أحد.
وذكر بكر بن كثير؛ أنّ إبراهيم لما ظهر على جعفر ومحمد أخذ البصرة، وجَدَ في بيت المال ستمئة ألف، فأمر بالاحتفاظ بها - وقيل إنه وجد في بيت المال ألفي درهم، فقويَ بذلك، وفرض لكلّ رجل خمسين خمسين؛ فلما غلب إبراهيم على البصرة وجّه - فيما ذكر - إلى الأهواز رجلًا يُدعى الحسين بن ثوْلاء، يدعوهم إلى البيْعة، فخرج فأخذ بيعتهم؛ ثم رجع إلى إبراهيم، فوجه إبراهيم