الحجّ؛ فكان الذي أقدمه وتولّى كِراءه وعادله في محمَله يحيى بن زياد بن حسان النَّبطيّ، فأنزله في داره في بني لَيْث، واشترى له جارية أعجمية سِنديّة، فأولدها ولدًا في دار يحيى بن زياد؛ فحدّثني ابن قُديد بن نصر؛ أنه شهِد جنازة ذلك المولود، وصلى عليه يحيى بن زياد.
قال: وحدّثني محمد بن معروف، قال: حدّثني أبي، قال: نزل إبراهيم بالخيار من أرض الشأم على آل القعقاع بن خُليد العبسيّ، فكتب الفضل بن صالح بن عليّ - وكان على قنَّسرين - إلى أبي جعفر في رقْعة أدرجها في أسفل كتابه، يخبره خبرَ إبراهيم، وأنه طلبه فوجده قد سبقه منحدرًا إلى البَصْرة؛ فورد الكتاب على أبي جعفر، فقرأ أوّلَه فلم يجد إلّا السلامة، فألقى الكتاب إلى أبي أيوّب الموريانيّ، فألقاه في ديوانه؛ فلما أردوا أن يجيبوا الوُلاة عن كتبهم فتح أبان بن صدقة - وهو يومئذ كاتب أبي أيوب - كتاب الفضْل؛ لينظر في تاريخه، فأفضى إلى الرّقْعة؛ فلما رأى أوّلها: "أخْبِرُ أمير المؤمنين"، أعادها في الكتاب وقام إلى أبي جعفر فقرأ الكتاب، فأمر بإذكَاء العيون ووضع المراصِد والمسالح.
قال: وحدّثني الفضل بن عبد الرحمن بن الفضل، قال: أخبرني أبي قال: سمعت إبراهيم يقول: اضطرّني الطّلَب بالموصل حتى جلست على موائد أبي جعفر، وذلك أنه قدمها يطلبني، فتحيّرت؛ فلفظتْني الأرض، فجعلت لا أجد مساغًا، ووضع الطلب والمراصد؛ ودعا الناس إلى غَدائه، فدخلت فيِمن دخل، وأكلت فيمن أكل؛ ثم خرجت وقد كفّ الطلب.
قال: وحدّثني أبو نعيم الفضل بن دُكين، قال: قال رجل لمطهر بن الحارث: مرّ إبراهيم بالكوفة ولقيتُه، قال: لا والله ما دخلها قطّ؛ ولقد كان بالموصل، ثم مرّ بالأنبار، ثم ببغداد، ثم بالمدائن والنّيل وواسط.
قال: وحدّثني نصر بن قُديد بن نصر، قال: كاتب إبراهيم قومًا من أهل العسكر كانوا يتشيّعون؛ فكتبوا يسألونه الخروج إليهم، ووعدوه الوثوب بأبي جعفر؛ فخرج حتى قدم عسكر أبي جعفر، وهو يومئذ نازل ببغداد في الدّيْر، وقد خَطَّ بغداد، وأجمع على البناء؛ وكانت لأبي جعفر مرآة ينظر فيها، فيرى عدوّه من صديقه، قال: فزعم زاعمٌ أنه نظر فيها، فقال: يا مسيّب؛ قد والله