والموافقة مع احتماله للجند والناس أبتنيه.

قال الهيثم بن عديّ: فخُبّرت أنه أتى ناحية الجِسْر، فعبر في موضِع قصر السلام، ثمّ صلى العصر - وكان في صَيْف، وكان في موضع القصر بيِعة قسّ - ثم بات ليلةً حتى أصبح، فبات أطيب مبيت في الأرض وأرفقَه، وأقام يومه فلم ير إلّا ما يحبّ، فقال: هذا موضع أبني فيه؛ فإنه تأتيه المادّة من الفرات ودِجْلة وجماعة من الأنهار، ولا يحمل الجندَ والعامّة إلّا مثلُه، فخطّها وقدّر بناءها، ووضع أوّل لَبِنة بيده، وقال: بسم الله والحمد لله، والأرض لله يورثها من يشاءُ من عباده والعاقبة للمتقين، ثم قال: ابنُوا على بركة الله.

وذُكِر عن بِشْر بن ميمون الشرويّ وسليمان بن مجالد، أنّ المنصور لما رجع من ناحية الجبل، سأل عن خبر القائد الذي حدّثه عن الطبيب الذي أخبره عمّا يجدون في كتبهم من خبر مِقلاص، ونزلَ الدّيْر الذي هو حذاء قصره المعروف بالخُلْد، فدعا بصاحب الدَّيْر، وأحضر البِطريق صاحب رحا البطريق وصاحب بغداد وصاحب المخرّم وصاحب الدير المعروف ببستان القسّ وصاحب العتيقة، فسألهم عن مواضعهم، وكيف هي في الحرّ والبرد والأمطار والوحول والبقّ والهوامّ؟ فأخبره كلّ واحد بما عنده من العلم، فوجّه رجالًا من قِبَله، وأمر كلَّ واحد منهم أن يبيتَ في قرية منها، فبات كلّ رجل منهم في قرية منها، وأتاه بخبرها، وشاور المنصور الذين أحضرهم، وتنحّر (?) أخبارهم؛ فاجتمع اختيارهم على صاحب بغداد، فأحضره وشاوره، وساءله - فهو الدّهقان الذي قريته قائمة إلى اليوم في المربّعة المعروفة بأبي العباس الفضل بن سليمان الطوسيّ، وقباب القرية قائم بناؤها إلى اليوم، وداره ثابتة على حالها - فقال: يا أمير المؤمنين، سألتني عن هذه الأمكنة وطيبها وما يُختار منها؛ فالذي أرى يا أمير المؤمنين أن تنزل أربعة طَسَاسيجِ (?) في الجانب الغربيّ طسّوجَيْن وهما قطربُّل وبادورَيَا، وفي الجانب الشرقيّ طسّوجَيْن وهما نهر بوق وكَلْواذَى، فأنت تكون بين نخل وقرب الماء، فإن أجدب طسُّوج وتأخّرت عِمارته كان في الطسّوج الآخر العِمارات، وأنت يا أمير المؤمنين على الصَّراة، تجيئك الميرة في السفن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015