إلى مكايدة رجل هو أهمّ الناس عنده مكايدةً، ومعه أربعون ألفًا، وقد نزل معاوية بهم وعمرو وأهل الشام، وأرسل معاوية إلى قيس بن سعد يذكّره اللهَ ويقول: على طاعة مَن تقاتل، وقد بايَعني الذي أعطيتَه طاعتك؟ فأبى قيس أن يَلينَ له، حتى أرسل إليه معاوية بسِجِلٍّ قد ختم عليه في أسفله، فقال: اكتب في هذا السجلّ ما شئتَ، فهو لك. قال عمرو لمعاوية: لا تُعطِه هذا، وقاتِلْه، فقال معاوية: على رِسْلِك! فإنا لا نَخلُص إلى قتل هؤلاء حتى يقتلوا أعدادَهم من أهل الشام، فما خيرُ العيش بعد ذلك! وإني والله لا أقاتله أبدًا حتى لا أجد من قتاله بدًّا. فلما بعث إليه معاوية بذلك السجلّ أشترط قيس فيه له ولشيعة عليّ الأمان على ما أصابوا من الدّماء والأموال، ولم يسأل معاوية في سجلّه ذلك مالًا، وأعطاه معاوية ما سأل، فدخل قيس ومَن معه في طاعته، وكانوا يَعُدّون دهاةَ الناس حين ثارت الفتنة خمسةَ رهْط، فقالوا: ذوو رأي العرب ومكيدتهم: معاوية بن أبي سُفْيان، وعَمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وقيس بن سعد؛ ومن المهاجرين عبد الله بن بُدَيل الخُزاعيّ؛ وكان قيس وابن بُدَيل مع عليّ عليه السلام، وكان المغيرة بن شعبة وعمرو مع معاوية، إلا أنّ المغيرة كان معتزلًا بالطائف حتى حُكّم الحكَمان، فاجتمعوا بأذرُح.
وقيل: إنّ الصلح تمّ بين الحَسَن عليه السلام ومعاوية في هذه السنة في شهر ربيع الآخر، ودخل معاوية الكوفة في غرّة جمادى الأولى من هذه السنة، وقيل: دَخلَها في شهر ربيع الآخر، وهذا قول الواقديّ (?). (5: 163/ 164/ 165).
وفي هذه السنة دخل الحسنُ والحسين ابنا عليّ عليه السلام منصرِفَين من الكوفة إلى المدينة.
ذكر الخبر بذلك:
ولما وقع الصلح بين الحسن عليه السلام وبين معاوية بمسكِن، قام - فيما حُدّثت عن زياد البَكّائيّ، عن عوانة - خطيبًا في الناس فقال: يا أهلَ العراق، إنه