فلم يزل عَمرو بمعاوية حتى أطاعه، فخرج معاوية فخطب الناس، ثم أمر رجلًا فنادى الحسنَ بن عليٍّ عليه السلام؛ فقال: قم يا حَسَن فكلّم الناس، فتَشهّد في بديهةِ أمرٍ لم يروّ فيه، ثم قال: أما بعد، يا أيّها الناس، فإن الله قد هداكم بأوّلنا، وحَقَن دماءَكم بآخِرنا، وإن لهذا الأمر مدّة، والدنيا دوَل، وإن الله تعالى قال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء: 111]؛ فلمّا قالها قال معاوية: اجلس، فلم يزل ضَرِمًا على عَمرو، وقال: هذا من رأيك. ولحق الحسن عليه السلام بالمدينة (?). (5: 162/ 163).
حدّثني عمر، قال: حدّثنا عليّ بن محمد، قال: سلّم الحسن بن عليّ عليه السلام إلى معاوية الكوفَة، ودخلها معاويةُ لخمس بقِين من ربيع الأوّل، ويقال من جُمَادى الأولى سنة إحدى وأربعين (?). (5: 163).
وفي هذه السنة جرى الصّلحُ بين معاويةَ وقيس بن سعد بعد امتناع قيس من بيعته.
ذكر الخبر بذلك:
حدّثني عبد الله بن أحمد، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني سليمان بن الفَضْل، قال: حدّثني عبد الله عن يونس، عن الزُّهريّ، قال: لما كتب عبيدُ الله بنُ عباس حين علم ما يريد الحسن من معاوية من طلب الأمان لنفسه إلى معاوية يسأله الأمان، ويشترط لنفسه على الأموال التي قد أصاب، فشَرَط ذلك له معاوية، بعث إليه معاوية ابنَ عامر في خيلٍ عظيمة، فخرج إليهم عبيد الله ليلًا حتى لحِق بهم، ونزل وترك جندَه الذي هو عليه لا أمير لهم، فيهم قيسُ بن سعد، واشترط الحسنُ عليه السلام لنفسه، ثم بايع معاوية، وأمّرت شُرْطةُ الخميس قيسَ بنَ سعد على أنفسهم، وتعاهدوا هو وهم على قتالِ معاوية حتى يشترط لشيعة عليّ عليه السلام ولمن كان اتّبعه على أموالهم ودمائهم. وما أصابوا في الفتنة؛ فَخلَص معاويةُ حين فرغ من عبيد الله بن عباس والحسن عليه السلام