قال أبو جعفر: ثم إن نمرود -فيما يذكرون- قال لإبراهيم: أرأيت إلهك هذا الذي تعبد وتدعو إلى عبادته، وتذكره من قدرته التي تعظِّمه بها على غيره ما هو؟ {قَال إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَا}، فقال نمرود: فأنا {أُحْيِي وَأُمِيتُ}، فقال له إبراهيم: كيف تحيي وتميت؟ قال: آخذ الرجُلين قد استوجبَا القتل في حكمي، فأقتل أحدهما فأكون قد أمتُّه، وأعفو عن الآخر فأتركه فأكون قد أحييته، فقال له إبراهيم عند ذلك: {فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ}، فعرف أنه كما يقول، فبُهت عند ذلك نمرود ولم يرجع إليه شيئًا، وعرف أنه لا يطيق ذلك. يقول الله عزَّ وجلَّ: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ}، يعني وقعت عليه الحجة.
قال: ثم إن نمرود وقومه أجمعوا في إبراهيم فقالوا: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ} (?). (1: 240).
حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثني هشام، عن محمد، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال: "لم يكذب إبراهيم - عليه السلام - غير ثلاث: ثنتين في ذات الله، قوله {إِنِّي سَقِيمٌ}، وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}. وبينا هو يسير في أرض جَبَّار من الجبابرة، إذ نزل منزلًا، فأتى الجبَّارَ رجلٌ فقال: إن في أرضك -أو قال: ها هنا- رجلًا معه امرأة من أحسن الناس، فأرسلَ إليه، فجاء فقال: ما هذه المرأة منك؟ قال: هي أختي، قال: اذهب فأرسلْ بها إليّ، فانطلق إلى سارة، فقال: إن هذا الجبار قد سألني عنك فأخبرته أنك أختي فلا تكذّبيني عنده، فإنك أختي في كتاب الله، فإنه ليس في الأرض مسلم غيري وغيرُك، قال: فانطلق بها وقام إبراهيم - عليه السلام - يصلِّي قال: فلما دخلت عليه فرآها أهوى إليها وذهب يتناولها، فأخذَ أخذًا شديدًا، فقال: ادعِي