في يده، حتى إذا بقيَ أعظمُ صنم منها ربط الفأس بيده، ثم تركهنَّ، فلما رجع قومه رأوّا ما صنع بأصنامهم، فراعهم ذلك، فأعظموه و {قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ}. ثم ذكروا فـ {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} - يعنون فتىً يسبها ويعيبها ويستهزئ بها، لم نسمع أحدًا يقولُ ذلك غيرهُ، وهو الذي نظن صنع هذا بها. وبلغ ذلك نمرود وأشراف قومه، فقالوا: {فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ} أي: ما يصنع به (?). (1: 238/ 239).

رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق:

قال: فلما أتيَ به فاجتمع له قومه عند ملكهم نمرود، قالوا: {أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَاإِبْرَاهِيمُ (62) قَال بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ}، غضب من أن يعبدوا معه هذه الصغار وهو أكبر منها، فكسرهنّ، فارعوَوْا ورجعوا عنه فيما ادعوا عليه من كسْرهنّ إلى أنفسهم فيما بينهم، فقالوا: لقد ظلمناه وما نراه إلا كما قال: ثم قالوا وعرفوا أنها لا تضرّ ولا تنفع ولا تبطش: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ}، أي لا يتكلمون فيخبرونا: مَنْ صنع هذا بها، وما تبطش بالأيدي فنصدقك، يقول الله عزّ وجلّ: {ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ}، أي نكسوا على رؤوسهم في الحجة عليهم لإبراهيم حين جادلهم، فقال عند ذلك إبراهيم حين ظهرت الحجة عليهم بقولهم: {لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65) قَال أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}.

قال: وحاجَّهُ قومه عند ذلك في الله جلَّ ثناؤه يستوصفونه إياه ويخبرونه أن آلهتهم خير مما يعبد، فقال: {أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ}، إلى قوله: {فَأَيُّ الْفَرِيقَينِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}، يضرب لهم الأمثال، ويصرِّف لهم العبَرَ، ليعلموا أن الله هو أحقّ أن يُخاف ويُعبد مما يعبدون من دونه (?) (?). (1: 239/ 240).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015