قد قلنا قبلُ إن الزمان إنما هو اسم لساعات الليل والنهِار، وساعاتُ الليل والنهار إنما هي مقادير من جَرْي الشمس والقمر في الفلك، كما قال الله عزّ وجل: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (37) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)}.
فإذا كان الزمان ما ذكرنا من ساعات الليلِ والنهار، وكانت ساعات الليل والنهار إنما هي قَطْع الشمس والقمر درجات الفلَك، كان بيقين معلومًا أن الزمان محدَث والليل والنهار محدثان، وأن مُحدِث ذلك الله الذي تفرّد بإحداث جميع خلقه، كما قال: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)}.
ومن جَهِل حدوث ذلك من خلق الله فإنه لن يجهلَ اختلافَ أحوال الليل والنهار؛ بأن أحدَهما يَرِد على الخلق -وهو الليل- بسواد وظلمة، وأنَّ الآخر منهما يرد عليهم بنور وضياء، ونَسْخٍ لسواد الليل وظلمته، وهو النهار.
فإذا كان ذلك كذلك، وكان من المحال اجتماعهما مع اختلاف أحوالهما في