قال فلم يلبث إلا قليلًا حتى جاء كتاب يوسف من العراق قد قدمها وذلك في جمادى الآخرة سنه عشرين ومئة (?).
وذكر الهيثم بن عديّ، عن ابن عياش، أنّ هشامًا أزمع على عَزْل خالد، وكان سبب ذلك أنه اتخذ بالعراق أموالًا وحفر أنهارًا؛ حتى بلغت غَلته عشرين ألف ألف؛ منها نهر خالد، وكان يُغل خمسة آلاف ألف وباجَوّى وبارُمّانا والمبارك والجامع وكُورة سابور والصِّلح، وكان كثيرًا ما يقول: إنني والله مظلوم؛ ما تحت قدميّ من شيء إلا وهو لي -يعني أن عمر جعل لبجيلة ربع السواد (?).
وكان هشام حسودًا متيقظًا، فبلغه ذلك فأحفظه، وأصرّ عليه فكلّم خالدًا أخلاؤه وصنائعه العُريان بن الهيثم، وبلال بن أبي بُردة، وغيرهما. فقالوا: نشيرُ عليك برأي قد أصبناه ورأيناه صوابًا، فيه دوام نعمتك، وكبت أعاديك. قال: وما هو؟ قالوا: قد بلغنا عن أمير المؤمنين هشام ما غمّنا من سؤاله وقتًا بعد وقتٍ عن غلاتك وأموالك، فاكتب إليه فاعرض عليه أموالك. فقال: والله ما يعارضني شكٌّ في نصيحتكم، ولكني - والله - لا أعطي الدنيّة، ولا أخرج عن يدي درهمًا قسرًا فما فوقه أبدًا. قالوا: فإن هشامًا أعذر منك، ولّاك ولا تملك شيئًا، وقد عرفت شرهه وحرصك، فإن هو قبض ما تعرض عليه فعلينا جمعه لك ثانية، فلما كان في سنة تع عشرة ومئة كتب إليه هشام: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فقد بلغ أمير المؤمنين عنك أمرٌ لم يحتمله منك إلا لِما أحبَّ