فلما رأت قريش أنا قد أصبنا دارا وأمنا غاروا منا فاجتمعوا على أن يبعثوا إلى النجاشي فينا ليخرجنا من بلاده وليردنا عليهم
فبعثوا عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة فجمعوا له هدايا ولبطارقته فلم يدعوا رجلا إلا هيؤوا له هدية على حدة وقالوا لهما: ادفعوا إلى كل بطريق هديته قبل أن تتكلموا فيهم ثم ادفعوا إليه هداياه فإن استطعتم أن يردهم عليكم قبل أن يكلمهم فافعلوا
فقدما عليه فلم يبق بطريق من بطارقته إلا قدموا إليه هديته فكلموه فقالوا له: إنما قدمنا على هذا الملك في سفهائنا فارقوا أقوامهم في دينهم ولم يدخلوا في دينكم فبعثنا قومهم ليردهم الملك عليهم فإذا نحن كلمناه فأشيروا عليه بأن يفعل. فقالوا: نفعل
ثم قدموا للنجاشي هداياه وكان من أحب ما يهدون إليه من (مكة) الأدم. (وذكر موسى بن عقبة: أنهم أهدوا إليه فرسا وجبة ديباج)
فلما أدخلوا عليه هداياه قالوا له: أيها الملك إن فتية منا سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك وجاؤوا بدين مبتدع لا نعرفه وقد لجؤوا إلى بلادك وقد بعثنا إليك فيهم عشائرهم آباؤهم وأعمامهم وقومهم لتردهم عليهم فإنهم أعلى بهم عينا فإنهم لن يدخلوا في دينك فتمنعهم لذلك
فغضب ثم قال: لا لعمر الله لا أردهم عليهم حتى أدعوهم فأكلمهم وأنظر ما أمرهم قوم لجؤوا إلى بلادي واختاروا جواري على جوار غيري فإن كانوا كما يقولون رددتهم عليهم وإن كانوا على غير ذلك منعتهم ولم أدخل
[171]