وقد أكثروا جداً من الاستفادة من المجلد الأول من هذا "الصحيح" في بعض طبعاته السابقة، (?) حتى في مقدمتهم، دون أن يتأدبوا بأدب قول العلماء: من بركة العلم عزو كل قول إلى قائله، وبخاصة إذا كان صادراً عن بحث وتحقيق وجهد وعلم ليس في مقدورهم النهوض به، فإني أخشى عليهم وعلى أمثالهم أن يشملهم قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "المتشبِّع بما لم يُعط كلابس ثوبي زور". متفق عليه (?).
وإذا كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعن الواصلة، وهي التي تصل شعرها بشعر آخر، وسماه (الزّور) كما في "الصحيحين" وغيرهما، وذلك لما فيه من الإيهام والتدليس، فإن مما لا شك فيه أن النظر الصحيح والفقه الرجيح يقتضي تحريم ما هو أسوأ منه، ألا وهو تظاهر الجاهل بأنه عالم، وادعاؤه التحقيق، وهو في الحقيقة في ذلك لغيره مقلد رقيق! وأسوأ منه أن ينسب لنفسه ما هو لغيره كما فعل هؤلاء، هداهم الله.
وقبل الانتقال إلى بيان القسم الآخر، لا بد من ذكر بعض الأمثلة لهذا القسم الأول، لكي لا يظن أحد أن فيما ذكرت شيئاً من المبالغة أو المغالاة، فأقول:
أولاً: ذكرت تحت حديث أنس الآتي برقم (217) في الطبعة السابقة أن الحافظ المنذري رحمه الله وهم في اسم راويه (واصل بن عبد الرحمن الرقاشي).
وقلت: "إنما هو واصل بن السائب الرقاشي، وهو ضعيف اتفاقاً، ثم إن حديث أنس نظيف منه، بل هو شاهد له". أي الحديث الذي قبله. فسرقه المذكورون، فقالوا في تعليقهم على الحديث (1/ 233):