ومع انشغالنا بإصلاح قلوبنا، وتوطيد العلاقة بربنا، والعودة المحمودة إلى محراب الليل، والتأثر بالقرآن؛ علينا كذلك أن نستفرغ جهدنا في الدعوة إلى الله وبناء الحق، وإقامة الدين في نفوسنا أولاً، ثم في نفوس الناس بعد ذلك، فمعركتنا معركة تربوية.
إن مشروع الدعوة يدعو إلى تكوين أمة، وتربية شعب وتحقيق آمال، وهذا كله يتطلب نفسية عظيمة تتمثل في إرادة قوية، وإيمان راسخ، وقلب وجل مشفق، وتضحية مستمرة. (?)
إنه مشروع كبير يحتاج إلى رجال كبار، لذلك فإن جهدنا ينبغي أن يتجه إلى إقامة الحق وبناء أنفسنا على قواعد الإيمان، وإعادة بناء منظومة القيم والأخلاق في قلوبنا نحن أولاً، ثم يأتي الأمل في إصلاح المجتمع بعد ثبات الحقائق في داخلنا نحن لنكون قدوة عملية لا نظرية، فيزداد تبعًا لذلك تأثيرنا في نفوس الناس، ومن ثمَّ يقوى سلطان الدين في قلوبهم، ويزداد استعدادهم للتضحية من أجله.
ويكفيك في تأكيد هذا المعنى ما قاله الإمام حسن البنا:
إن غاية الإخوان تنحصر في تكوين جيل جديد من المؤمنين بتعاليم الإسلام الصحيح، يعمل على صبغ الأمة بالصبغة الإسلامية الكاملة في كل مظاهر حياتها، وأن وسيلتهم تنحصر في تغيير العرف العام، وتربية أنصار الدعوة على هذه التعاليم حتى يكونوا قدوة لغيرهم في التمسك بها، والحرص عليها، والنزول على حكمها. (?)
ومن أقواله كذلك:
إن العمل مع أنفسنا هو أول واجباتنا فجاهدوا أنفسكم، واحملوها على تعاليم الإسلام وأحكامه، ولا تتهاونوا معها في ذلك بأي وجه من الوجوه. (?)
* * *