ويستلزم كذلك أن نعود إلى القرآن ونمكث معه طويلاً ونقرأه بفهم وتدبر لنتعرف على الله من خلاله، ونزداد يقينًا به، ومن ثم تتحول هذه الحقائق النظرية إلى إيمان راسخ يصدقه العمل.
إن الأحداث التي تمر بالدعوة تتشابه إلى حد كبير بالأحداث التي مرت بأصحاب الدعوات في الماضي والتي أفاض القرآن في ذكرها وكيفية التعامل معها، ومن الخطأ بمكان أن نترك هذا الرصيد الضخم من التجارب والحلول المجربة بهجرنا للقرآن، أو الاقتصار على قراءته بألسنتنا وحناجرنا فقط، بل لابد من إعمال العقل فيما نقرأ- ولو فهمًا إجماليًا للمعنى المراد من الآيات التي نقرؤها-، ولابد أيضًا أن يصاحب هذا الفهم قراءة مرتلة بصوت مسموع حزين ليتحول الفهم إلى إيمان.
القرآن وعودة الروح:
تأمل معي- أخي الحبيب- قول الإمام حسن البنا: ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن. (?)
فالقرآن هو روح هذه الأمة، ويوم أن نهجره ولا نتعرض لمعجزته وقدرتها التأثيرية الفذة، فقد حرمنا أنفسنا من أعظم عامل ينشئ الإيمان واليقين، وحرمناها كذلك من أهم مولِّد للوقود والطاقة الروحية الدافعة للعمل.
اقرأ -إن شئت- ما قاله حسن البنا منذ عشرات السنين حول هذا المعنى:
(عرف سلفنا الصالح رضوان الله عليهم فضل القرآن وتلاوته، فجعلوه مصدر تشريعهم، ودستور أحكامهم، وربيع قلوبهم، وورد عبادتهم، وفتحوا له قلوبهم، وتدبروه بأفئدتهم، وتشربت معانيه السامية أرواحهم، فأثابهم الله في الدنيا سيادة العالم، ولهم في الآخرة عظيم الدرجات، وأهملنا القرآن فوصلنا إلى ما وصلنا إليه من ضعف في الدنيا ورقة في الدين). (?)
* * *