ومع كل ما سبق ذكره من وسائل عملية نحتاج إلى تطبيقها الآن أكثر من أي وقت مضى، يبقى أهم واجب للوقت والظرف الذي نحياه هو الاستغاثة الصادقة الحارة بالله عز وجل ... استغاثة تنقطع معها القلوب، بأن يفرج الله الكرب ويكشف الغمة.
فبعد أن وقع الزلزال، وانكشف الغبار، وتأكد لدينا أنه ليس لنا سوى الله، وأنه وحده القادر على كشف ما أصابنا من ضُرٍ وبلوى، وأن ما حدث قد يكون عُتبى منه سبحانه، يعتب بها علينا بسبب ما أحدثناه من تقصير في القيام بالواجب الذي شرفنا به وابتعثنا من أجله، وتفريط وتهاون في لزوم الاستقامة على أمره.
بعد أن وضحت الرؤية بأنه سبحانه هو الذي ابتلانا، فإنه ينتظر منا توبة صادقة تبدأ بمحاسبة كل منا نفسه، ومراجعة أموره كلها بدءًا من علاقته به سبحانه، ومرورًا بعلاقته بإخوانه وبدعوته، وكلما كانت هذه المحاسبة جادة منطلقة من استشعار المرء بأنه قد يكون السبب فيما حدث للدعوة كلما ازداد الشعور بالندم، ومن ثمَّ تكون التوبة صادقة، عملية، ظاهرة الآثار في شتى المجالات.
ومع هذه المحاسبة، وهذه التوبة تأتي العبودية العظيمة الملازمة لحدث الابتلاء، ألا وهي التضرع إلى الله والاستغاثة الشديدة به {فَلَوْلاَ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا} [الأنعام].
فالمطلوب هو تضرع واستغاثة تُظهر وتؤكد عدم تعلق قلوبنا بشيء سوى الله، وأنه لا ملجأ لنا ولا منجى مما نحن فيه إلا هو سبحانه وتعالى، وأن نلح في ذلك، ونلح، ونتضرع، ونستغيث، ونعجُّ (?) إلى الله، ولا نترك هذا كله حتى يأتي الفرج، وما هو ببعيد كما وعد سبحانه {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللهِ} [النمل].
من تجارب السابقين في الاستغاثة بالله:
وإليك- أخي- قصة من قصص السابقين تؤكد هذا المعنى، وكيف أن أصحاب هذه القصة بعد أن أحيط بهم، وبلغ بهم البلاء والكرب ما بلغ لجأوا إلى الباب الأعظم، وتعلقت قلوبهم تعلقًا تامًا بالله، وانخلعت من كل أسباب الأرض، عند ذلك جاءهم الفرج من حيث لا يحتسبون.