من هنا يتأكد لدينا بأن تفريج الكرب الذي ألم بنا، وفك الحصار عن الدعوة بيد الله وحده، وأن الفرج قريب قريب، فما من عسر ينزل بنا إلا وينزل معه يسران، وما من بلاء إلا والفرج المضاعف يلاحقه كما قال صلى الله عليه وسلم: «وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرًا» (?).
وتذكر- أخي الحبيب- قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يُنزل المعونة على قدر المؤنة، وينزل الصبر على قدر البلاء». (?)
وكان صلى الله عليه وسلم جالسًا وحياله جحر فقال لأصحابه: «لو جاء العسر فدخل هذا الجحر لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيخرجه» فأنزل الله تعالى:
{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا - إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح]. (?)
فكل الحادثات وإن تناهت ... فموصول بها الفرج القريب
ليبقى السؤال عن كيفية بلوغ هذا الفرج؟
فمع يقيننا بأن اليسر يلاحق العسر، والفرج موصول بالكرب إلا أننا قد لا نستطيع بلوغه إن لم نحسن قراءة حدث الابتلاء ولم نقم بتحليله تحليلاً صحيحًا ...
إن بلوغ الفرج يستلزم تضرعًا إلى الله وتَبَؤُّسًا وتمسكنًا بين يديه، واستغاثة دائمة حارّة به .. استغاثة من فقد الخشبة وأشرف على الغرق.
ويستلزم منا الاستيقاظ قبل الفجر كل ليلة لنهرع إلى المحراب نصلي لله، ونتأوه بين يديه ونذرف الدمع، ونظهر له سبحانه عظيم افتقارنا إليه، واحتياجنا المطلق والذاتي له، وأنه لا ناصر لنا سواه، ولا كافي سواه، ولا حافظ سواه، ولا كاشف للضر سواه، وأنه لو تركنا لهلكنا.