متوليا وظائف الجامع بينما إمارة الحج كانت ما تزال في يد عائلة عبد المؤمن، كما هو موجود في كتاب (منشور الهداية) نفسه.

ويبدو أن لقب (شيخ الإسلام) كان يعطى لأمير ركب الحج لا لمتولي وظائف الجامع الأعظم، رغم أننا لا نجد هذا اللقب مصرحا به إلا بالنسبة لعبد الكريم الفكون (الحفيد) الذي نترجم له. فهو في نظرنا الأول الذي جمع بين وظائف الجامع المذكور وراثة عن أبيه، وإمارة ركب الحج وراثة عن عائلة عبد المؤمن، أما مشيخة الإسلام فنعتقد أنه هو أول من تقلدها ولم يتسم بها من قبل أحد من أسرته ولا عن أسرة عبد المؤمن.

ولكن كيف حصل ذلك؟ وكيف جمع الفكون بين وظائف والده ووظائف عبد المؤمن وزاد عليها مشيخة الإسلام؟ وكيف تحول من ملاحظ ناقد لأحوال أهل قسنطينة وأحوال العصر عموما إلى رجل عملي يمارس الوظيفة الرسمية ويقوم بواجباتها فيقبل هذا ويرفض ذاك من الحكام ورجال الدين والعلماء والقضاة؟ إن هذه أمثلة مهمة لمعرفة التحول الذي طرأ على حياة الفكون والذي سيكون له عواقب حتى على علاقاته مع الناس وفي تأليف الكتب وممارسة التدريس والعقيدة الصوفية.

ولكي نفهم ذلك علينا أن نتذكر بأن الشرق الجزائري، وعاصمته قسنطينة، قد عرف ثورة من أعنف الثورات خلال القرن الحادي عشر، وبالضبط سنة 1047، أي أقل من سنتين بعد وفاة والد الفكون، ونعني بها ثورة ابن الصخري أو ثورة الذواودة. وقد هزت هذه الثورة إقليم قسنطينة من الأعماق، وأطاحت بالسلطة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015