المنابر إذا خطب، ولسان المحابر إذا شعر أو كتب) وقال عنه إنه برع في فنون العربية من نحو وصرف وبلاغة ولغة، مع المشاركة التامة في الأصلين والفقه والحديث والتصوف وغير ذلك. كما قال فيه الثعالبي (انتهت إليه رياسة العلم في بلاده تدريسا وإفتاء وتصنيفا). وأخبر عنه أيضا أن الله جمع له بين العلم والعمل به، إلى كمال الزهد والورع والتعفف عن الناس. وعدم التأثر بكلام الناس حتى استوى عنده المدح والذم، مع المجانبة للطلبة وأهل الولايات الدنيوية وقلة المبالاة بهم وعدم الاهتمام بما يهدى إليه. وقد عرفنا أن الفكون لم يكترث بما قدم له باشا مصر من هدايا ومال. ونعتقد أن نفس الموقف كان يقفه مع جميع الولاة. ولعل وصف الثعالبي للفكون في أنه قد استوى عنده المدح والذم يصدق عليه في المرحلة الثانية من حياته. أما في المرحلة الأولى فقد عرفنا أنه كان يتأثر ويحس وكان أحيانا يدعو على خصمه، وكان يتألم أحيانا ولكنه كان في كل ذلك يحس بالرضى الداخلي لأنه مبشر بما بشر الله به المجاهدين في سبيله. وقد لاحظ أحد المؤرخين الأجانب أن الفكون كان الوحيد الذي نقد عصره، وإن مستوى العلم قد هبط بعده (?).

وقبل أن نختم هذه النقطة نود أن نلاحظ أن الفكون لم يسلم في نظرنا من الخرافة ومن سيطرة العقائد المعاصرة. ذلك أنه طالما ذكر أشياء تبدو لنا اليوم غير عقلية، وهي لا تنسجم مع ما كان يدعو إليه من تحكيم العقل واتباع الكتاب والسنة ونبذ البدع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015