وتلاعبهم، بل ولا يريدون التذكير بأحكام الدين ولا الوعظ بالكتاب والسنة، ولا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن ذلك، في نظرهم، تشويش عليهم وكشف لهم ومنغصة تعكر صفو حياتهم. ولعل الفكون لم يتمتع بشيء من الهيبة والتجلة إلا بعد توليه وظائف أبيه وإمارة الحج ومشيخة الإسلام. وقد تكون تلك الهيبة والتجلة خوفا منه لأنه كان صارما في حكمه متصلبا في دينه حيا في ضميره. ولا ندري إلى أي مدى استطاع الفكون أن يطبق في مرحلة حياته الثانية ما كان يدعو إليه نظريا في مرحلة حياته الأولى.

ومهما كان الأمر فلدينا رأيان من معاصريه يصفانه وصفا يجعلنا نعتقد أنه وصف صادق. الأول رأي أحمد المقري الذي وصف الفكون قبل توليه الوظائف المذكورة (لأن المقري توفي سنة 1041) اوالثاني رأي الثعالبي الذي يبدو أنه عرف الفكون في حياته بقسنطينة والمشرق، أي بعد أن تولى تلك، الوظائف. يقول عنه المقري: (علم قسنطينة وصالحها وكبيرها ومفتيها، سلالة العلماء الأكابر، ووارث المجد كابرا عن كابر، المؤلف العلامة ..) وفي مكان آخر قال عنه: (عالم المغرب الأوسط غير مدافع، وله سلف ذوو شهرة، ولهم في الأدب الباع المديد، غير أن المذكور (يعني الفكون) مائل إلى التصوف، ونعم ما فعل!) (?).

أما عيسى الثعالبي فيصفه بقوله: (رئيس علوم اللسان، وفخر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015