شعب الايمان (صفحة 1619)

الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ شُعَبِ الْإِيمَانِ وَهُوَ بَابٌ فِي تَعْظِيمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجْلَالِهِ وَتَوْقِيرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَهَذِهِ مَنْزِلَةٌ فَوْقَ الْمَحَبَّةِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مُحِبٍّ مُعَظِّمًا إِلَّا أَنَّ الْوَالِدَ يُحِبُّ وَلَدَهُ، وَلَكِنَّ حُبَّهُ إِيَّاهُ يَدْعُوهُ إِلَى تَكْرِيمِهِ وَلَا يَدْعُوهُ إِلَى تَعْظِيمِهِ، وَالْوَلَدَ مُحِبٌّ وَالِدَهُ جَمَعَ لَهُ بَيْنَ التَّكْرِيمِ وَالتَّعْظِيمَ، وَالسَّيِّدَ قَدْ يُحِبُّ مَمَالِيكَهُ وَلَكِنْ لَا يُعَظِّمُهُمْ، وَالْمَمَالِيكُ يُحِبُّونَ سَادَاتِهِمْ وَيُعَظِّمُونَهْمُ، فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ التَّعْظِيمَ رُتْبَةٌ فَوْقَ الْمَحَبَّةِ، وَالدَّاعِي إِلَى الْمَحَبَّةِ مَا يَفِيضُ عَنِ الْمُحِبِّ عَلَى الْمُحَبِّ مِنَ الْخَيْرَاتِ، وَالدَّاعِي إِلَى التَّعْظِيمِ مَا يُحِبُّ الْمُعَظَّمُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الصِّفَاتِ الْعَلِيَّةِ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ حَاجَاتِ الْمُعَظِّمِ الَّتِي لَا قَضَاءَ لَهَا إِلَّا عِنْدَهُ، وَيَلْزَمُهُ مِنْ سُنَّتِهِ الَّتِي لَا قِوَامَ لَهُ بِشَذِّهَا، وَإِنْ جَدَّدَ وَاجْتَهَدَ " وَبَسَطَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ، ثُمَّ قَالَ: " فَمَعْلُومٌ أَنَّ حُقُوقَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ أَجَلُّ وَأَعْظَمُ وَأَكْرَمُ وَأَلْزَمُ لَنَا وَأَوْجَبُ، عَلِمْنَا مِنْ حُقُوقِ السَّادَاتِ عَلَى مَمَالِيكِهِمْ وَالْآبَاءِ عَلَى أَوْلَادِهِمْ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى أَنْقَذَنَا بِهِ مِنَ النَّارِ فِي الْآخِرَةِ، وَعَصَمَ بِهِ لَنَا أَرْوَاحَنَا وَأَبْدَانَنَا وَأَعْرَاضَنَا وَأَمْوَالَنَا وَأَهْلِينَا وَأَوْلَادَنَا فِي الْعَاجِلَةِ، وَهَدَانَا لَهُ، قَالُوا: أَطَعْنَاهُ أَوَانَا إِلَى جَنَّاتِ النَّعِيمِ، فَأَيَّةُ نِعْمَةٍ تُوَازِي هَذِهِ النَّعَمَ، وَآيَةٌ مِنْهُ إِلَى هَذَا الشَّيْءِ، ثُمَّ إِنَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَلْزَمَنَا طَاعَتَهُ، وَتَوَعَّدَنَا عَلَى مَعْصِيَتِهِ بِالنَّارِ، وَوَعَدَنَا بِاتِّبَاعِهِ الْجَنَّةَ، فَأَيُّ رُتْبَةٍ تُضَاهِي هَذِهِ الرُّتْبَةَ، وَأَيُّ دَرَجَةٍ تُسَاوِي فِي الْعَمَلِ هَذِهِ الدَّرَجَةَ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015