فَحَقَّ عَلَيْنَا إِذًا أَنْ نَحِبَّهُ وَنُجِلَّهُ وَنُعْظِمَّهُ وَنُهِيبَهُ أَكْثَرَ مِنْ إِجْلَالِ كُلِّ عَبْدٍ سَيِّدَهُ، وَكُلِّ وَلَدٍ وَالِدَهُ، وَبِمْثِلِ هَذَا نَطَقَ الْكِتَابُ، وَوَرَدَتْ أُوَامِرُ اللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ، وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157] فَأَخْبَرَ أَنَّ الْفَلَاحَ إِنَّمَا يَكُونُ جَمَعَ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ تَعْزِيرَهُ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ التَّعْزِيرَ هَاهُنَا التَّعْظِيمُ، وَقَالَ: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا لِتُؤْمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح: 9] فَأَبَانَ أَنَّ حَقَّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُمَّتِهِ أَنْ يَكُونَ مُعَزَّزًا مُوَقَّرًا مَهِيبًا وَلَا يُعَامَلُ بِالِاسْتِرْسَالِ وَالْمُبَاسَطَةِ، كَمَا يُعَامِلُ الْأَكْفَاءُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] فَقِيلَ فِي مَعْنَاهُ: لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَهُ إِيَّاكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا، فَتُؤَخِّرُوا إِجَابَتَهُ بِالْأَعْذَارِ وَالْعِلَلِ الَّتِي يُؤَخِّرُ بِهَا بَعْضُكُمْ إِجَابَةَ بَعْضٍ، وَلَكِنْ عَظِّمُوهُ بِسُرْعَةِ الْإِجَابَةِ وَمُعَاجَلَةِ الطَّاعَةِ، وَلَمْ يَجْعَلِ الصَّلَاةَ لَهُمْ عُذْرًا فِي التَّخَلُّفِ، عَنِ الْإِجَابَةِ إِذَا دَعَا أَحَدَهُمْ وَهُوَ يُصَلِّي إِعْلَامًا لَهُمْ بِأَنَّ الصَّلَاةَ إِذَا لَمْ تَكُنْ عُذْرًا يُسْتَبَاحُ بِهِ تَأْخِيرُ الْإِجَابَةِ، فَمَا دُونَهَا مِنْ مَعَانِيَ أَعْذَارٌ بَعْدَ ذَلِكَ " " وَذَكَرَ حَدِيثَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَمَا "