يقول الإمام ابن القيم يرحمه الله: «ولا يزال يضرب هذا القلب السليم على صاحبه، حتى ينيب إلى ربه، ويخبت إليه، ويتعلق به تعلق المضطر، الذي لا حياة له ولا فلاح ولا نعيم ولا سرور إلا برضاه وقربه، والأنس به، فبه يطمئن، وإليه يسكن ويأوي، وبه يفرح وعليه يتوكل، فإذا حصل له هذا سكن وزال اضطرابه، وانسدت تلك الفاقة.
إن في القلب فاقة لا يسدها شيء سوى الله أبدًا. وفيه شعث لا يلمُّه غير الإقبال عليه، وفيه مرضٌ لا يشفيه غير الإخلاص له، فحينئذ يباشر روح الحياة، وإذا تعلق القلب بالله استغنى به عن كل ما سواه فيستغني عن المخلوقين ويعطي ربه» (?).
يا أخا الإيمان! إذا أردت أن تمتحن قلبَك أسليمٌ هو أم مريض فانظر مدى تعظيمك لخالقك وقدره عندك، والله يقول: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جميعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (?).
وتأمل خشوعك في صلاتك، فهي من علائم الإيمان {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} (?).
قال العارفون: وإذا كبرت أيها المصلي فلا يكذبن قلبُك لسانك، لأنه لو كان في قلبك شيء أكبر من الله تعالى فقد كذبت، فاحذر أن يكون الهوى عندك أكبر، بدليل إيثارك موافقته على طاعة الله تعالى، فإذا استعذت فاعلم أن الاستعاذة هي ملجأ إلى الله سبحانه، فإذا لم تلجأ بقلبك كان كلامك لغوًا، وإذا ركعت فاستشعر التواضع، وإذا سجدت فاستشعر الذل بين يدي الله، لأنك