فاحشةً وساء سبيلاً، إلى غير ذلك من أنواع الفواحش التي جاءت نصوص الوعيد محذّرةً عنها.
أيها المؤمنون، ولم يسلم الخاصّة من عقابيل الإرجاء وآثاره السلبية، فضعُف جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وطائفة من أهل الدعوة يؤثرون العافية، ويغلبون نصوص الرجاء والوعد على نصوص الخوف والوعيد.
وتوسّع الخيرون تبعًا لغيرهم في ملاذّ الحياة الدنيا، وفتنوا بها، وربما ضنوا بزينتها والخوف من ضدها، فلم ينشطوا في قول كلمة الحق للناس، وعدم كتمانه، كما قال تعالى: {وَإِذَ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} (?).
وتذرّع بعضهم بالهروب من الفتنة، وربما كانت الفتنة بالذي منه هربوا، واسمعوا إلى شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، وهو يصنّف الناس إلى ثلاثة أصناف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويقول: «ولما كان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله من الابتلاء والمحن، وما يُعرض به المرء للفتنة، صار في الناس من يتعلل في الترك ما وجب عليه من ذلك بأنه يطلب السلامة من الفتنة» ... إلى أن يقول:
فتدبّر هذا، فإنه مقام خطر، فإن الناس هنا ثلاثة أقسام، قسمٌ يأمرون وينهون ويقاتلون طلبًا لإزالة الفتنة التي زعموا ويكون فعلهم ذلك أعظم فتنة كالمقتتلين في الفتنة الواقعة بين الأمة، وأقوام ينكلون عن الأمر والنهي والقتال الذي يكون به الدين كلّه، وتكون كلمة الله هي العليا لئلا يُفتَنوا، وهم قد سقطوا في الفتنة ... وهذه حال كثير من المتدينين، يتركون ما يجب عليهم من أمر ونهيٍ