مكانه، ويعلم سره وعلانيته، ولا يخفى عليه خافيةٌ من أمره، فإنه موقوفٌ بين يديه، ومسؤول عن كل ما عمل، وهو مقيمٌ على مساخطِه، مضيِّعٌ لأوامره، معطلٌ لحقوقه، وهو مع ذلك يحسن الظنّ بِه، وهل هذا إلا من خداع النفوس، وغرور الأماني (?)؟

يا أخا الإسلام، ولابدّ أن تفهم الفرق بين حسن الظنّ بالله، وبين الغرور، فحسن الظن هو حسن العمل، والغرور تقصير وتهاونٌ، وضعف وعجزٌ وتواكل، قال الحسن البصري، رحمه الله: (إنّ المؤمن أحسنَ الظنّ بربه فأحسن العملَ، وإنّ الفاجر أساء الظنّ بربّه فأساء العمل) (?).

وويلٌ لمن أرداه ظنّه السيء بربه فكان من الخاسرين قال الله تعالي: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ} (?).

أتدرون مَن هؤلاء؟ أولئك الذين يستترون لأعمالهم السيئة، ويظنون أنّ الله لا يعلم سرَّهم ونجواهم، وأولئك يفضحهم الله يوم القيامة، وزيادةً في فضيحتهم تكون الشهود عليهم جوارحهم التي لا يستطيعون الاستتار عنها .. وحق للنبي، صلى الله عليه وسلم، أن يضحك عجبًا من صنيعهم، وقد أخرج الإمام مسلمٌ وغيره عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: (ضحك رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، ذات يوم، وتبسَّم فقال: ألا تسألوني عن أيّ شيءٍ ضحكتُ؟ قالوا: يا رسولَ الله، من أيّ شيءٍ ضحكت؟ قال: عجبتُ من مجادلة العبد ربّه يوم القيامة، يقول: أي ربي، أليس وعدتني أن لا تظلمني؟ قال: بلى، فيقول: فإني لا أقبلُ عليّ شاهدًا إلا من نفسي، فيقول الله، تبارك وتعالى: أوليس كفى بي شهيدًا، وبالملائكة الكرام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015