وما زال محل تذكير الآباء للأبناء حتى حضور الموت: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (?).
أيها المسلمون، والإيمان الحق هو: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر والقدر خيره وشره ... الإيمان الحق هو التصديق الجازم بعالمي الغيب والشهادة .... وإذا تساوى الناس في الإيمان بعالم الشهادة وهو ما يشاهدونه حاضرًا بأم أعينهم تفاوتوا في الإيمان بالغيب الذي غيبه الله عن أنظارهم وحواسهم في هذه الحياة، وأخبرهم عنه خبر صدق في كتبه المنزلة وبواسطة أصدق خلقه، من أخبار الأمم الماضية، وأهوال يوم القيامة، وأشراط الساعة ونحوها ... هنا يتفاوت الناس حسب إيمانهم، فمنهم من يؤمن بها كأنه يراها رأى العين، ومنهم من يجحد وينكر، وما يجحد بآيات الله إلا الظالمون، ومنهم من يبقى شاكًا مترددًا، فإن لم يرد الله به خيرًا ويهديه للإيمان عاش معذبًا في هذه الحياة، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ... نسأل الله السلامة والعصمة ..
عباد الله ... والإيمان منزلة عليَّةٌ تَشْرئِبُّ لها الأعناق، والإيمان بالله ملاذٌ آمِنٌ عند الشدائد والكروب ... ولذا فليس كل من ادعى الإيمان مؤمنًا: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} (?).
بل لقد ادعاه فرعون حين أحسَّ الهلاك ففضحه الله وجعله عبرة للمعتبرين: { ... حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ