شعاع من المحراب (صفحة 2991)

تعالى يذكِّركَ بالمسئوليةِ، ويقولُ: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئولًا} (?).

اسألْ نفْسَكَ: كمْ نسبةَ ما تسمعُ منَ الحرامِ غيبةً أوْ نميمةً، أوْ فجور أوْ فسوقًا أوْ غِناءً أوْ مجونًا، وكم نسبةَ ما تَسمعُ منَ الحلالِ: قرآنٍ، دعوةٍ للخيرِ، إصلاحٍ بينَ الناسِ، كلماتٍ طيّبةٍ عَبْرَ محاضرةٍ أوْ ندوةٍ حيَّة أوْ مسجَّلةٍ؟

ماذا تنظرُ وتشاهِدُ وأنتَ مؤتمَنٌ على الوقتِ والجوارحِ؟ واعلمْ أنَّ عينيكَ إنْ لمْ تكتحلْ برؤيةِ ما تهوى لأنه حرام، فاعلم أن المتقين أعد الله لهم في الجنة عوضًا، ما لا عينٌ رأت ولا أذن سمعت ولا خطر بقلب بشر.

يا أخا الإسلامِ: هلْ تفكِّرُ كيفَ وبمَ تقضي وقتَكَ؟ أمْ يكفيكَ أنْ تملأَ الوقتَ ويذهبَ الزمنُ كيفَ ما كانَ؟ وإذا كانَ وقتُكَ ووقتُ الآخرينَ سواءً فهلّا تأمَّلتَ وقارنتَ بينكَ وبينَ أشخاصٍ آخرينَ خلَّفوا منَ الأَثرِ، وبقيَ لهمْ منَ الذِّكْرِ ما ليسَ لكَ، فَلِمَ خَلّفوا وأهملت؟

أيها المسلمونَ: ومنْ إسرافِنا كثرةُ الكلامِ دونَ فائدةٍ، فأحدُنا مستعدٌّ للحديثِ ساعةً أو أكثرَ، وقدْ يكونُ معظمُ الحديثِ لا فائدةَ منهُ، إنْ لمْ يكنْ لَغْوًا محرَّمًا، ولوْ قيلَ لهُ: كمْ ذكرتَ اللهَ في هذا اليومِ؟ لمْ يجدْ إلا القليلَ، ولو قُلتَ له: ما حزبُكَ اليوميُّ منَ القرآنِ؟ لسمعتَ عجبًا! هل ذكّرتَ غافلًا، هلْ علَّمتَ جاهلًا؟ هلْ دعوتَ إلى اللهِ؟ .. إلى غيرِ ذلكَ منْ أعمالٍ تورثُ البرَّ والخيرَ، إيَّاك أنْ يكونَ نصيبُكَ منهُ قليلًا!

ومنْ مظاهرِ إسرافِنا: إسرافُنا في النومِ، وإذا كانَ المرءُ لا يُمدحُ بكثرةِ النومِ فالمذمَّةُ أعظمُ حينَ تفوِّتُ بالنومِ صلاةً مكتوبةً، أوْ واجبًا أنت مسئولٌ عنهُ .. فإنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015