يا أخا الإسلام: وهلْ رفعتَ بصَرَك إلى السماء فتتفكَّرَ في خلق الله، فمَنْ رفَعَ السماءَ بلا عَمَدٍ؟ وكَمْ فيها مِنْ مَلَكٍ راكعٍ لله أو ساجد؟
روى ابنُ مردويه عَنْ أنسٍ رضيَ اللهُ عنْه قال: قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَطَّتِ السَّماءُ ويحقُّ لها أَنْ تَئِطَّ، والذي نَفْسُ محمدٍ بيدِهِ ما فيها مَوْضعُ شِبْرٍ إلا وفيه جَبْهَةُ مَلَكٍ ساجدٍ يُسبِّحُ اللهَ بحَمْدِه» (?).
والأَطيطُ: صَوْتُ الأَقْتابِ، وأطِيطُ الإبلِ: أصواتُها وحَنِينُها، والمعنى: إنَّ كثْرَةَ ما في السماءِ منَ الملائكةِ أثقَلَها حتى أطَّت، والمرادُ: تقريرُ عظمةِ اللهِ تعالى (?).
فكيفَ إذا تصورتَ عِظَمَ خلْقِ السماواتِ والأرْض، واللهُ يقول: {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} (?)
وكيفَ إذا تصورتَ أبعادَ السماواتِ عنْ بعضِها، وفي الحديثِ الذي رواهُ ابنُ خزيمةَ والبيهقيُّ وصحَّحُه ابنُ القيِّم، عنِ ابنِ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنهُ قال: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَ السماءِ الدنيا والتي تَليِها خَمْسُ مائة عامٍ، وبَيْنَ كلِّ سَمَاءٍ وسماءٍ خَمْسُ مائة عامٍ، وبينَ السماءِ السابِعَةِ والكرسيِّ خَمْسُ مائة عام، وبَيْنَ الكرسيِّ والماءِ خَمْسُ مائة عام، والعرشُ فوق الماءِ، واللهُ فوقَ العَرْش، لا يَخْفى عليه شيءٌ من أَعْمالِكم» (?).
يا عبدَ الله: والملائكةُ- في السماءِ- خَلْقٌ عَجيبٌ، ومنهمُ الموَكَّلُ بحَمْلِ