وحاجاتِ الزمَان، وأوقات الشدائد، ومنْ مأثورِ قولِ العارفين: «إنَّا نَحْتاج إلى إخوانِ العُشرةِ لوقتِ العُسْرة» (?).
فهل نُثمِّنُ هذه المقاعد للأخوة، ويكونُ الأخُ إنما صادقًا في زمنِ الرخاء والشِّدة، ناصِحًا ومشيرًا، وفازِعًا ومُنقِذًا؟ وإذا كانَ إخوانُ الرَّخاءِ كَثْرةً، فهُمْ أقلُّ في زمنِ الشدائد.
على أنَّ مقاصدَ الأخوَّة تتجاوزُ الفردَ إلى الجماعةِ، بلْ وتصلُ إلى الأمةِ المسلِمَة بأسرِها، وتلكَ التي عبرَّ عنها الرسولُ صلى الله عليه وسلم بقوله: «مثلُ المؤمنينَ في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفهِم، كَمَثل الجسدِ الواحدِ إذا اشتَكى منه عُضْوٌ تَدَاعى له سائرُ الجسَدِ بالسَّهرِ والحُمَّى» رواه البخاري.
إنَّ هذا المقصدَ للأخوةِ مظهرٌ منْ مظاهرِ قوَّتِنا وترابُطِنا وتعاونِنا.
معشرَ المسلمين: وتلكَ إذا حقَّقْناها مُغيظةٌ لأعدائِنا مرهْبةٌ لِقُوى الكفرِ المتربِّصين بنا .. إنَّ المسلمَ حينَ ينصرُ أخاه المسلمَ، ويشعرُ بآلامه يُقوّي أخاهُ ويُضعفُ منْ هَيْبِة أعدائه، ويستجيب لدعوةِ نبيهِ صلى الله عليه وسلم: «انصُرْ أخاكَ ظالِمًا أو مظلومًا».
أيها الأخوةُ المؤمنون: وحينَ نعلَمُ فضائل الأخوةِ وشيئًا منْ مقاصِدِها لا بدَّ أنْ نعلمَ شيئًا من حقوقِ الأخوَّةِ، ولا بدَّ أنْ نعلمَ شيئًا من حقوقِ الأخوَّةِ، ولا بدَّ أَنْ نُساءِل أنفُسنا: هلْ قُمنا بها أو بمُعْظَمِها، أم فرَّطْنا فيها أو بمعظمها؟
إنَّ منْ حقوقِ الأخوّةِ إفشاءَ السلام .. وكَمْ لإفشاءِ السلامِ مِنْ أثرٍ في مجتمعِ المسلمين؛ عنْ عبدِ الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اعبُدوا الرحمن، وأطعِموا الطعامَ، وأفشوا السلامَ، تدخلوا الجنانَ» (?).