أيضاً، وهو ريح البدن طيب وحسن الثناء في الناس. يقول: فكل أمرها حسن.
وإذا سَريتُ رأيتُ نارَك نَوّرَتْ ... وجهاً أغرّ يَزينهُ الإسفارُ
صلّى الملائكة الذينَ تخُيرّوا ... والصالحونَ عليكِ والأبرارُ
وعليكِ مِنْ صلواتِ ربكِ كلها ... نَصَبَ الحَجيجُ مُلبدينَ وغاروا
نصب يعني قصد، من قولهم نصب فلان لفلان. ويروى كلما شبح الحجيج، أي رفعوا أيديهم بالتلبية
والدعاء. وقزله نصب، يريد لسير إبلهم حين أنصبوها وجهدوها وأتعبوها في سيرهم، ووخدوا بها،
كما قال ذو الرمة: إذا ما ركبُها نصبوا. يريد أنصبوا إبلهم، أعملوها للسير، فنصبوا فأعيوا وانصبوا
إبلهم فأعيت.
يا نَظرةً لكَ يوم هاجَتْ عَبرةً ... مِنْ أمّ حَزرَةَ بالنُمَيرة دارُ
تحيِي الرّوامسُ ربَعهَا فتُجِدُهُ ... بعدَ البِلَى وتمُيتُهُ الأمطارُ
قوله الروامس، يعني الرياح. يقول تكشف الروامس تُربه وتُبين لك أثره. قال الأصمعي: وإنما
سميت الروامس من الرياح التي يشتد هبوبها، فترمس ما مرّت عليه بهبوبها. يعني تدفنه. قال: ومنه
قد رمسناه، يعنون قد دفناه. وذلك إذا دفنوا ميتهم فواروه في التراب.
وكأنّ مَنزلَةً لها بِجُلاجِل ... وحيُ الزّبورِ تجدُهُ الأحبارُ
ويروى تخطه. وقوله بجلاجل هو مكان معروف. قال: والوحي الكتاب. وإنما أراد أن هذا الموضع
مما مرت به الأمطار فدُرس موضعه، وامحى كالوحي من الكتاب الذي قد دُرس إلا أقلّه. قال:
والأحبار العلماء الذين يكتبون الزبور، فقد انمحى ذلك الكتاب إلا القليل.
لا تُكثَرنّ إذا جعلتَ تلومني ... لا يذهبنّ بحلْمِكَ الإكثارُ
كانَ الخليطُ همُ الخليطُ فأصبحوا ... مُتبدّلينَ وبالدّيارِ ديِارُ