قال أبو عثمان: فقلت لأبي عبيدة: فهذا الأحنف قد ذكر أن مسعوداً قتله الخوارج، وأقرّ بذلك فقال:
إنما ذلك قول الأحنف: اعلوا عليهم الريح، واستعينوا عليهم بالتحكيم، قال: فقال عامر أو مسمع
أخوه: العجب للأحنف، وهو يُزن بحلم وعقل ساد بهما، يستعين على ربيعة بالتحكيم وهو فيهم. فقال
عامر: والله لوددت أنّا عرمنا عشرة آلاف ألف درهم، وأنّ هذا الرأي خرج منا، فإنه قد أفنى فرساننا
ووجوهنا، وأقل عددنا، وإنه لا يزال فارس منا لا يُسقط الروع رمحه، قد خرج فقتل ضياعا. قال:
وقال عامر في مجلس آخر: العجب لمالك والأحنف، والله ما كان مالك في أمر يبرأ منه هؤلاء التجار
والموالي، والأحنف بإزائه في ذلك الأمر، فلم يضره ذلك عند الناس، فقال له ابن نوح: إنّ الأحنف
كان يتأول الدين، وإنّ مالكاً كان يتغشمر، ألا ترى أنه يوم مسعود لم يستحل حرمه، حتى قامت
البينة، وأنهم قد سفكوا الدماء، وركبوا المحارم. قال أبو عثمان: هذا خبر مسعود قد تم، وإلى هاهنا
سمعناه من الأصمعي وأبي عبيدة لم يجاوزا ذلك.
رجع إلى شعر الفرزدق:
هُنالِكَ لو تَبغي كُلَيباً وجَدتَها ... بَمنزِلَة القِردانِ تحتَ المَناسِم
قوله المناسم، قال: المنسمان ظُفرا خُفي البعير.
وما تجعلُ الظربَى القِصارَ أنوفُها ... إلى الطّمّ مِنْ مَوجِ البحارِ الخضارِمِ
الطم بفتح الطاء في نسخة أبي عثمان، قال أبو عثمان: سمعت الأصمعي وأبا عبيدة يقولان: الظربى
جمع، واحده ظربان، قال: وهو دابة فويق السنور، منتن الرائحة قال: والطم العدد الكثير. والخضارم
من الأبار الغزار الكثيرة الماء، ويقال من ذلك بئر خضرم، وذلك إذا كانت غزيرة، قال: ويقال رجل
خضرم. قال: وذلك إذا كان