ففي ذلك يقول الفرزدق:
لوَ أنّ أشيمَ لمْ يسبقْ أسنّتنا ... أو أخطأ البابَ إذْ نيرانُنا تَقِدُ
إذا لَصاحَبَ مسعوداً وصاحِبَهُ ... وقدْ تماءتْ لهُ الأعفاجُ والكَبِدُ
تماءت على وزن تفاعلت، وقوله تماءت خربت وفسدت، يقال من ذلك مأى بينهم، ومأس بينهم،
سواء بمعنى واحد.
قال أبو عبيدة: فحدثني سلام بن أبي خيرة، قال: سمعته أيضاً من أبي الخنساء كسيب العنبري،
يُحدّث يونس النحوس، وكان علاّمة أهل البصرة، قال: سمعنا الحسن بن أبي الحسن، يقول في
مجلسه في مسجد الأمير، فأقبل مسعود من هاهنا - وأشار بيده إلى منازل الأسد - في أمثال الطير
معلماً بقباء ديباج أصفر معين بسواد، يأمر بالسُّنة، وينهى عن الفتنة - ألا إنّ من السِّنة أن يؤخذ ما
فوق يديك أي يؤخذ ما على يديك - وهم يقولون: القمر القمر، فوالله ما لبثوا إلا ساعة، حتى صار
قُميرا، فأتوه فاستنزلوه وهو على المنبر، قد علم الله فقتلوه. قال سلاّم في حديثه، قال الحسن: وجاء
الناس من هاهنا وهاهنا، وأشار بيده إلى دور بن تميم.
قال أبو عبيدة، فحدّثني مسلمة بن محارب، قال: فأتوا عبيد الله، فقالوا: قد صعد مسعود المنبر، ولم
يُرم دون الدار بكُثّاب - يعني سهماً بغير ريش - قال: فبينا هو في ذلك يتهيأ ليجيء إلى دار
الإمارة، إذا جاؤوا فقالوا: قُتل مسعود، فاغترز في ركابه، فلحق بالشام. قال: وذلك في أول شوال سنة
أربع وستين.
قال أبو عبيدة: فحدثني ذواد أبو زياد الكعبي قال: فأتى مالك بن