قدم يزيد، قال له وكيع: ما يسرني أنك جبان. قال: لم؟ قال: لأنك لو كنت جبانا قتلتني!
قال: فحبسه في سلسلة، فإذا قعد الناس أقعد خلف يزيد. قال: وكان رأي يزيد إهدار دم قتيبة،
قال: وقال عمر بن عبيد الله: فشهد عنده بشير بن عبد الله بن أبي بكرة، أن قتيبة لم ينزع يداً عن طاعة،
وأنه لم يخلع، وأنه قُتل مظلوما. قال: فأمر يزيد بحبس وكيع، فلم يفلت من يده، حتى أقرَّ له بموضع نهره،
الذي في السبخة في الفرسخ الرابع من نهر معقل، فلم يزل في يده حتى حفره له،
فقاده إلى سباخ وراء ذلك من ميسان وراء النخل الذي عليه سكة البريد، فهو اليوم يقال: نهر يزيد بن المهلب.
قال ثم خلى سبيله. قال جهم: فلما قدم يزيد خراسان، قال: لا تدعوا أزديا إلا حضرني الليلة،
فجُمعوا له، فلما كان السمر، دخلوا عليه، فقال: يا معشر الأزد، كنتم أذل خمس بخراسان،
حتى أن الرجل من الحي الآخر، ليشتري الشيء فيتسخركم،
فتحملونه له، حتى قدم المهلب وقدمت، فلم ندع موضعا يستخرج منه درهم، إلا استعملناكم عليه،
وحملنا على رقاب الناس، حتى صرتم وجوها، وأخبرت أمير المؤمنين، أن أعز أهل العراق قومي،
وكنتم أصحاب هذا الأمر، وقد بلغكم أني قد استعملت على العراق، فعجزتم أن تولوا أمركم رجلا
منكم، يقوم لكم به، وأنتم أهل القرحة، حتى عمدتم إلى رجل من غيركم، فوليتموه أموركم، وقلدتموه
شأنكم. فقام مخلد بن يزيد فقال: إن هذا اللحاء لا يأتي بخير، أتقول مثل هذا لأعمامك؟ قال: فضرب
يزيد برجله في صدره، فقال عبد الرحمن بن نعيم الأزدي: قدمت خراسان غير مرة، ووليتها وأنت
أعلم بها منا، وقد علمت أن تميما أكثرها عربيا، وأن الجند بها أربعة وعشرون ألفا معهم، وبيت
المال والسلطان معهم، فإن تجمعوا، لم ير أحد منا مصرع صاحبه، فأردنا أن نفرق جمعهم، وننكئ
عدونا، ثم لو كنت، أصلحك