قال أبو مالك: فخبرني محمد بن وكيع، قال فكنت فيمن أشخص حماد بن مسلم من مروفي الذراري،
فإذا نفر على البريد، فقالت امرأة معنا: لو ركبت راحلتي، وتحولت عن سرجك، فإني أخاف عليك.
فأبيت وتنحيت عن الطريق، وبعثت غلامي يستخبر، فقالوا: قتل وكيع قتيبة. فقال: هذا ابن وكيع،
فمالوا إليَّ فلما دنوا مني سجدوا لي. قال زهير: ثم بعث بطاعته، وبرأس قتيبة إلى سليمان بن عبد
الملك. قال: فوقع ذلك من سليمان كل موقع، فجعل يزيد بن المهلب لعبد الله بن الأهتم مائة ألف
درهم على أن ينقر وكيعا عنده، فقال: أصلح الله أمير المؤمنين، والله ما أحد أوجب شكرا، ولا أعظم
عندي يدا من وكيع، لقد أدرك لي بثأري، وشفاني من عدوي، ولكرامة أمير المؤمنين أعظم وأوجب
عليَّ حقا، وإن النصيحة لتلزمني لأمير المؤمنين، إن وكيعا لم تجتمع له مائة عنان قط، إلا حدث
نفسه بغدرة، خامل في الجماعة، نابه في الفتنة، فقال: ما هو إذن ممن أستعين به.
قال: وكانت قيس تزعم أن قتيبة لم يُخلع. قال: فاستعمل سليمان ابن عبد الملك يزيد بن المهلب على
حرب العراق، وأمره إن أقامت قيس البينة أن قتيبة لم يخلع فينزع يدا من طاعة، أن يقيد وكيعا به.
قال فغدر يزيد بن المهلب فلم يعط عبد الله بن الأهتم المائة الألف التي كان جعلها له. قال: فلما قدم
يزيد واسطا، وقد غدر بابن الأهتم، فلم يعطه ما كان ضمن له، وجه ابنه مخلد بن يزيد إلى وكيع.
قال: فلما دنا جمع وكيع بني تميم وبلغه الخبر، فقال: أما لابن العبسية خصيان. إن هذا الغلام قد دنا،
وهو قادم غدا عليكم مترفا أبلخ، فإن أطعتموني شددته وثاقا. قالوا: قد أراح الله من الفتنة، فما نصنع
بالخلاف. قال: فقدم مخلد، فسلَّم له وكيع ما في يده. قال: فلما