وقال جرير حين هلك الأخطل:
زارَ القُبورَ أبو مالكِ ... فأصبحَ أهونَ زُوّارِها
لِتَبكِ عليهِ دَرومُ العِشاء ... خبيثٌ تَنسمُ أسحارِها
وتُكثَرُ في مُستقرّ الجَنينِ ... منَ الثُوم في قُبلِ أطهارِها
وقد شَبرتْ أيرَ قَسّ القُسوسِ ... فكانَ ثلاثة أشبارِها
وتبكي بناتُ أبي مالِكٍ ... ببوقِ النصارى ومِزمارِها
لقد سرني وقعُ خيل الهُذيلِ ... وتَرغيمُ تغلِبَ في دارِها
وفاتَ الهُذيل بني تغلِبٍ ... وجَحّافُ قيسٍ بأزفارِها
تحُضّونَ قيساً ولا تَضبِرونَ ... لِزَبن الحروبِ وإضرارِها
فأجابه الفرزدق فقال:
زارَ القُبورَ أبو مالكٍ ... برغمِ العُداةِ وأوتارِها
وأوصى الفرزدقُ عندَ المماتِ ... بأمّ جريرٍ وأعيارِها
قُبيلَةٌ كأديم الكراعِ ... تعجِزُ عن نقضِ أمرارِها
همُ يُظلَمونَ ولا يَظلمونَ ... إذا العيسُ شُدّتْ بأكوارِها
ولا يمنعونَ نُسيّاتهِم ... إذا الحربُ صالت بأظفارِها
ولكن عضاريط مُستأخِرونَ ... زعانفَةٌ خلفَ أدبارِها
كَسعتُ كُليباً فما أنكرتْ ... كحَسعَ المَخاضِ بأغبارِها